الفصل الحادي عشر
في بيان ما في هذه الأحاديث من الألفاظ المتعلقة بالتحديد ، ومن ذهب إلى مقتضاها.
ذات الجيش
قوله : «شرف ذات الجيش» قال ابن زبالة : ذات الجيش : لقب ثنية الحفيرة من طريق مكة والمدينة ، وقال المطري : هي وسط البيداء ، والبيداء هي التي إذا رحل الحجاج من ذي الحليفة استقبلوها مصعدين إلى جهة الغرب ، وهي على جادة الطريق.
قلت : ويؤيده قول ياقوت : ذات الجيش موضع بعقيق المدينة ، أراد بقربه ، أو لأن سيلها يدفع فيه كما سيأتي ، وقد رأيته يطلق ذلك على ما يدفع في العقيق وإن بعد عنه. وقال أبو عبد الله محمد بن أحمد الأسدي في وصف الطريق بين مكة والمدينة : إن من ذي الحليفة إلى الحفيرة ستة أميال ، قال : وهي متعشّى ، وبها بئر طيبة وحوض ، وعمر بن عبد العزيز هو الذي حفر البئر ، وبها أبيات ومسجد ، اه. ومقتضاه أن يكون ثنية الحفيرة بعد البئر ، فلعلها ثنية الجبل المسمى اليوم بمفرح ، وهناك واد قبل وادي تربان يسمونه سهمان ينطبق عليه الوصف المذكور ، وهو موافق لقول من قال : ذات الجيش واد بين ذي الحليفة وتربان. فأطلق اسمها على الوادي التي هي فيه ، ولقول عياض : ذات الجيش على بريد من المدينة ، وهو ظاهر رواية الطبراني المتقدمة ، لكنه مخالف لما سيأتي في معنى التحديد بالبريد ، وهناك حبس النبي صلىاللهعليهوسلم في ابتغاء عقد عائشة رضياللهعنها ، ونزلت آية التيمم ، والترديد في حديث عائشة : «حتى إذا كنا بالبيداء أو بذات الجيش» كأن سببه قرب الموضعين ، وهو ظاهر في المغايرة بينهما. وقال أبو علي الهجري : ذات الجيش : شعبة على يمين الخارج إلى مكة بحذاء الحفيرة ، قال : وصدر الحفيرة وما قبل من الصلصلين يدفع في بئر أبي عاصية ، ثم يدفع في ذات الجيش ، وما دبر منها يدفع في البطحاء ، ثم تدفع البطحاء من بين الجبلين في وادي العقيق ، وذات الجيش تدفع في وادي أبي كبير ، وهو فوق مسجد الحرم والمعرس ، وطرف أعظم الغربي يدفع في ذات الجيش ، وطرفه الثاني يدفع في البطحاء.
قلت : وأعظم ـ ويقال عظم كما سيأتي ـ جبل معروف اليوم على جادة مكة ، قال المطري : وهو في شامي ذات الجيش ، ويشهد له ما سبق عن الهجري.
شريب
قوله «شريب» الظاهر أنه مشيرب تصغير مشرب كما في الرواية الأخرى ، وهو