الصالحين فهو أمر خاص بها لا دلالة فيه على جواز نقل مطلق تراب الحرم ، وهو أمر لم يأذن به الله تعالى ولا رسوله صلىاللهعليهوسلم والخير كله في الاتباع ، وقد قالت الحنابلة أيضا : يكره نقل حصى الحرم وترابه إلى غيره ، ولا يدخل غيره إليه ، ونقلوا عن أحمد أنه قال : الإخراج أشد ، انتهى. ويجب على من أخرج شيئا من تراب الحرم أو حجره أن يرده إليه ، ولا ضمان عليه في ترك الرد ، قال الكمال الدميري : وإذا نقل تراب أحد الحرمين إلى الآخر هل يزول التحريم ـ أي فينقطع وجوب الرد ـ أو يفرق بين نقله للأشرف وعكسه؟ فيه نظر ، والله أعلم.
الفصل الرابع عشر
في ذكر بدء شأنها ، وما يؤول إليه أمرها
روى ابن لهيعة بسنده إلى عائشة مرفوعا : «إن مكة بلد عظّمه الله ، وعظّم حرمته ، خلق مكة وحفها بالملائكة قبل أن يخلق شيئا من الأرض كلها بألف عام ، ووصلها بالمدينة ، ووصل المدينة ببيت المقدس ، ثم خلق الأرض كلها بعد ألف عام خلقا واحدا» قال العلامة المقدسي في بعض تأليفاته : هذا حديث غريب جدّا ، بل منكر.
وعن سليمان عن أبي عمرو الشيباني عن علي رضياللهعنه : كانت الأرض ماء ، فبعث الله ريحا فمسحت الأرض مسحا ، فظهرت على الأرض زبدة ، فقسمها أربع قطع ، خلق من قطعة مكة ، والثانية المدينة ، والثالثة بيت المقدس ، والرابعة الكوفة. وهو أثر واه.
وروينا في الكبير للطبراني أن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «إن الله عزوجل اطلع إلى أهل المدينة وهي بطحاء قبل أن تعمر ليس فيها مدر ولا بشر ، فقال : يا أهل يثرب ، إني مشترط عليكم ثلاثا وسائق إليكم من كل الثمرات : لا تعصي ، ولا تعلي ، ولا تكبّري ، فإن فعلت شيئا من ذلك تركتك كالجزور لا يمنع من أكله.
وأخرج النسائي من رواية يزيد بن أبي مالك عن أنس في حديث الإسراء قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «أتيت بدابة فوق الحمار ودون البغل» الحديث ، وفيه : «فركبت ومعي جبريل ، فسرت فقال : انزل فصلّ ، ففعلت ، فقال : أتدري أين صليت؟ صليت بطيبة وإليها المهاجر» يعني بفتح الجيم.
ووقع في حديث شداد بن أوس عند البزار والطبراني أنه قال : «أول ما أسري به صلىاللهعليهوسلم مر بأرض ذات نخل ، فقال له جبريل : انزل فصل ، فنزل فصلى ، فقال : صليت بيثرب» الحديث.