يدفن ، فلما ثقل رسول الله صلىاللهعليهوسلم وبدّن نقل إليه المؤمنون موتاهم فصلى عليهم رسول الله صلىاللهعليهوسلم على الجنائز عند بيته في موضع الجنائز اليوم ، ولم يزل ذلك جاريا.
قال ابن شبة : وحدثني محمد بن يحيى قال : حدثني من أثق به أنه كان في موضع الجنائز نخلتان إذا أتى بالموتى وضعوا عندهما فصلى عليهم ، فأراد عمر بن عبد العزيز حين بنى المسجد قطعهما ، فاقتتلت فيهما بنو النجار ، فابتاعهما عمر فقطعهما.
وفي صحيح البخاري من حديث ابن عمر في قصة اليهوديين «فرجما قريبا من موضع الجنائز عند المسجد» فدل ذلك على أن الموضع المذكور كان معروفا بذلك.
وفي صحيح مسلم من حديث عائشة أنها أمرت أن يمر بجنازة ابن أبي وقاص في المسجد فتصلي عليه ، فأنكر الناس ذلك عليها ، فقالت : ما أسرع ما نسي الناس! ما صلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم على سهيل بن البيضاء إلا في المسجد ، وفي رواية لها : والله لقد صلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم على ابني بيضاء في المسجد سهيل وأخيه.
قلت : ويفهم منه أن ذلك نادر ، وأن الكثير من فعله صلىاللهعليهوسلم ما تقدمت الإشارة إليه.
وروى يحيى بسند جيد عن عبد الله بن عمر أنه صلّى على عمر بن الخطاب في المسجد ، وفي رواية أخرى له عن يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب أن عمر بن الخطاب صلى على أبي بكر في المسجد ، وأن صهيبا صلّى على عمر بن الخطاب في المسجد ، وبين في رواية أخرى أن ذلك كان عند المنبر ، وقد روى ذلك ابن أبي شيبة ، وقال في رواية : وضعت الجنازة في المسجد تجاه المنبر.
قال الحافظ ابن حجر : وهذا يقتضي الإجماع على جواز ذلك ، وقد تقررت المذاهب في ذلك.
وقال ابن النجار عقب ذكر ما تقدم عن عمر بن عبد العزيز في ذلك : والسنة في الجنائز باقية إلى يومنا هذا ، إلا في حق العلويين ومن أراد الأمراء من الأعيان وغيرهم ، والباقون يصلّى عليهم خلف الحائط الشرقي من المسجد ، إذا وقف الإمام على الجنائز هناك كان النبي صلىاللهعليهوسلم عن يمينه. انتهى.
الشيعة غير الأشراف
قلت : وقد انتسخ ما ذكره ابن النجار ، وصار يصلي على الجنائز كلها في المسجد ، ويخص الأعيان بالصلاة عليهم بالروضة الشريفة بين القبر والمنبر ، وغيرهم يصلي عليه أمام الروضة بعد أن يوقف بالجنازة بين يدي النبي صلىاللهعليهوسلم أمام الوجه الشريف إلى عام اثنين وأربعين وثمانمائة في دولة السلطان الظاهر جقمق ، فوردت مراسيمه على شيخ الحرم فارس بالأمر بمنع جنائز الشيعة من المسجد ، فمنع المنسوبون للشيعة من إدخال جنائزهم إلى المسجد إلا