فأدخله في رحبة المسجد القصيا وفي الطريق ، وبيعت بقيتها فصارت لرجل من آل مطرف ثم صارت لبعض بني برمك ثم صارت صافية اليوم ، انتهى.
وقوله «المنارة الشرقية اليمانية» تحريف والصواب الشامية.
قال ابن زبالة ويحيى عقب ما تقدم : وفرغ من بنيان المسجد سنة خمس وستين ومائة ، وقد كان هم بسد خوخة آل عمر ، وأمر بالمقصورة فهدمت وخفضت إلى مستوى المسجد ، وكانت مرتفعة ذراعين عن وجه المسجد ، فأوطأها مع المسجد ، فكلمه آل عمر في خوختهم حتى كثر الكلام بينهم ، فأذن لهم ففتحوها وخفضوها في الأرض شبه السرب ؛ فصارت في المسجد أي : خارج المقصورة عليها شباك حديد ، وزاد في المسجد لتلك الخوخة ثلاث درجات ؛ فهي على ذلك إلى اليوم.
ويؤخذ مما ذكره ابن زبالة من الكتابة على أبواب المسجد في زمن المهدي أنه زخرفه بالفسيفساء كما فعل الوليد ، ويشهد لذلك بقية من الفسيفساء كانت فيما زاده في مؤخر المسجد عند المنارة الغربية الشامية ، وفيما يقرب منها من الحائط الغربي ، ولم أر في كلام أحد من مؤرخي المدينة أن المسجد الشريف زيد فيه بعد المهدي ، لكن قال الزين المراغي ما لفظه : وقيل : إن المأمون زاد فيه ، وأتقن بنيانه أيضا في سنة اثنتين ومائتين.
قال السهيلي : وهو على حاله ، ورزين ينكر ذلك ، ويمكن الجمع بأنه جدده ولم يزد ، انتهى.
قلت : ولم أر في كلام رزين تعرضا لحكاية ذلك حتى ينكره ، وهذا بعيد جدّا ؛ لأن من أدرك زمن المأمون من مؤرخي المدينة لم يتعرض لشيء من ذلك ، نعم رأيت في المعارف لابن قتيبة بعد ذكر زيادة المهدي ما لفظه : وزاد فيه المأمون زيادة كثيرة ووسعه ، وقرأت على موضع زيادة المأمون : أمر عبد الله بعمارة مسجد رسول الله صلىاللهعليهوسلم سنة اثنتين ومائتين ، وذكر أشياء من الأمر بالعدل وتقوى الله ، وهذا لا دلالة فيه على زيادة المأمون في المسجد لاحتمال أنه وقع في زمنه عمارة من غير أن يزيد فيه ، على أن في كلام يحيى وغيره في حكاية ما كان مكتوبا في المسجد ما يدل على كتابة مثل ذلك لمن تجددت ولايته من الخلفاء فقط ، والله أعلم.
الفصل التاسع عشر
فيما كانت عليه الحجرة الشريفة الحاوية للقبور المنيفة في مبدأ الأمر
قد قدمنا أن النبي صلىاللهعليهوسلم لما بنى المسجد بنى بيتين لزوجتيه عائشة وسودة رضياللهعنهما على نعت بناء المسجد من لبن وجريد النخل ، قال ابن النجار : وكان لبيت عائشة رضياللهعنها مصراع واحد من عرعر أو ساج ، وتقدم أيضا في الفصل التاسع عن جماعة ممن أدرك