القملة في ثوبه وهو في المسجد فليجعلها في ثوبه حتى يخرج بها. قال النووي : فإن قتلها لم يجز إلقاؤها في المسجد ؛ لأنها ميتة ، وكره مالك قتلها في المسجد ، ونقل ابن العماد عن كتب المالكية أنه يحرم طرح القمل حيا ، بخلاف البرغوث ؛ لأن البرغوث يعيش بأكل التراب ، بخلاف القمل ففي طرحه تعذيبه بالجوع ، انتهى.
وقد جاءت أحاديث في النهي عن البيع والشراء وإنشاد الضالة في المسجد ، وروى ابن أبي عدي الحافظ من حديث علي بن أبي طالب قال : صليت العصر مع عثمان أمير المؤمنين ، فرأى خياطا في ناحية المسجد ، فأمر بإخراجه ، فقيل له : يا أمير المؤمنين إنه يكنس المسجد ، ويغلق الأبواب ، ويرش أحيانا ، فقال عثمان : إني سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : جنبوا صناعكم من مساجدكم.
قلت : ومن المنكرات في زماننا ما يتساهل فيه المتكلمون في أمر العمارة من استعمال النشارين والنجارين والحجارين بالمسجد النبوي للعمل في آلاته واكتساب أولئك العمال بذلك ، مع ما يتولد من ذلك من الدق العنيف وتشعيث المسجد بما ينشر من النشارة والنجارة وغير ذلك ، مع إمكان عمل ذلك خارج المسجد الشريف والإتيان به مهيأ. وقد قدمنا أن عائشة رضياللهعنها كانت تسمع الوتد أو المسمار يضرب في بعض الدور المطيفة بالمسجد فترسل إليهم : لا تؤذوا رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وأن عليا ما صنع مصراعي داره إلا بالمناصع توقيا لذلك ، وفي خبر رواه المقدسي في «مثير الغرام» عن كعب الأحبار أن سليمان عليهالسلام قال للعفريت الذي أحضره لقطع الرخام لعمارة بيت المقدس : هل عندك من حيلة أقطع بها الصخر؟ فإني أكره صوت الحديد في مسجدنا هذا ، والذي أمرنا الله به من ذلك هو الوقار والسكينة ، فقال : ابتغ لي وكر عقاب فإني لا أعلم في السماء طيرا أشد منه ولا أكثر حيلة ، فوجدوا وكر عقاب ، فغطى عليه ترسا غليظا من حديد ، فجاءه العقاب فلم يقدر عليه ، فحلق في السماء متطلعا فلبث يومه وليلته ثم أقبل ومعه قطعة من السامور ، فتفرقت له الشياطين حتى أخذوه منه ، فأتوا به سليمان عليهالسلام ، فكان يقطع به الصخر ، انتهى.
وكذلك إدخالهم البغال والحمير الحاملة لتلك الآلات مع إمكان حمل الرجال لها من باب المسجد ، والله الموفق.
وإذا سمع شخص من ينشد ضالة في المسجد فليقل له : أيها الناشد غيرك الواجد ، وما أشبهه مما ورد ، إلا أن يسأل الإنسان جلساءه فليس بذلك بأس ، ولا يبلغ بذلك الصوت كما نقله ابن زبالة عن مالك ، ومن باع فيه قيل له : لا أربح الله تجارته ، كما ورد مرفوعا. قال الزين المراغي : والقياس أن يقال للسائل فيه : لا فتح الله عليه ، كما قاله بعض