آل عثمان ، فقيل لهم : أخرجوا مصحف عثمان يقرأ ، فقالوا : أصيب المصحف يوم مقتل عثمان. قال محرز : وبلغني أن مصحف عثمان صار إلى خالد بن عمرو بن عثمان ، قال : فلما استخلف المهديّ بعث بمصحف إلى المدينة ؛ فهو الذي يقرأ فيه اليوم ، وعزل مصحف الحجاج فهو في الصندوق الذي دون المنبر ، انتهى.
بعث المصاحف إلى المساجد
وقال ابن زبالة : حدثني مالك بن أنس قال : أرسل الحجاج بن يوسف إلى أمهات القرى بمصاحف ، فأرسل إلى المدينة بمصحف منها كبير ، وهو أول من أرسل بالمصاحف إلى القرى ، وكان هذا المصحف في صندوق عن يمين الأسطوانة التي عملت علما لمقام النبي صلىاللهعليهوسلم ، وكان يفتح في يوم الجمعة والخميس ، ويقرأ فيه إذا صليت الصبح ، فبعث المهدي بمصاحف لها أثمان فجعلت في صندوق ونحى عنها مصحف الحجاج ، فوضعت عن يسار السارية ، ووضعت منابر لها كانت تقرأ عليها ، وحمل مصحف الحجاج في صندوقه فجعل عند الأسطوانة التي عن يمين المنبر ، انتهى.
قلت : ولا ذكر لهذا المصحف الموجود اليوم بالقبة التي بوسط المسجد المنسوب لعثمان رضي الله تعالى عنه في كلام أحد من متقدمي المؤرخين ، بل فيما قدمناه ما يقتضي أنه لم يكن بالمسجد حينئذ ، بل ولا ذكر له في كلام ابن النجار ، وهو أول من أرّخ من المتأخرين ، وقد ترجم لذكر المصاحف التي كانت في المسجد ، ثم ذكر ما قدمناه عن ابن زبالة ثم قال : وأكثر ذلك دثر على طول الزمان ، وتفرقت أوراقه ، قال : وهو مجموع في يومنا هذا في جلال في المقصورة أي المحترقة إلى جانب باب مروان. ثم ذكر أن بالمسجد عدة مصاحف بخطوط ملاح موقوفة مخزونة في خزائن ساج بين يدي المقصورة خلف مقام النبي صلىاللهعليهوسلم.
قال : وهناك كرسي كبير فيه مصحف مقفل عليه نفذ به من مصر ، وهو عند الأسطوانة التي في صف مقام النبي صلىاللهعليهوسلم ، وإلى جانبه مصحفان على كرسيين يقرأ الناس فيهما ، وليس في المسجد ظاهر سواهما ، انتهى. ولم أر نسبة المصحف الموجود اليوم لعثمان رضياللهعنه إلا في كلام المطري ومن بعده عند ذكر سلامة القبة التي بوسط المسجد من الحريق كما قدمناه. نعم ذكر ابن جبير في رحلته ما حاصله أن أمام مقام النبي صلىاللهعليهوسلم ـ وقد عبر عنه بالروضة الصغيرة ـ صندوقا ، وأن بين المقام وبين الحجرة ـ أي بجانب المقام من جهة المشرق ـ محمل كبير عليه مصحف كبير في غشاء مقفل عليه هو أحد المصاحف الأربعة التي وجّه بها عثمان بن عفان رضياللهعنه إلى البلاد ، انتهى.
وهذا المصحف الذي أشار إليه ينطبق في الوصف على المصحف الذي ذكر ابن النجار أنه نفذ به من مصر ، ولم يصفه بما ذكره ابن جبير من نسبته لعثمان ، مع أن ابن جبير