تعليق المصابيح في المسجد وصف عام
ويستحب تعليق المصابيح في المسجد وقد قدمنا ما يقتضي أن تميما الداري أول من فعل ذلك في زمن النبي صلىاللهعليهوسلم. وقيل : أول من فعله عمر بن الخطاب ، لما جمع الناس في التراويح على إمام واحد. وروى ابن زبالة عن يوسف بن مسلم قال : كان زيت قناديل المسجد يحمل من الشام ، حتى انقطع ذلك في ولاية جعفر بن سليمان الأخيرة على المدينة ، فجعله على سوق المدينة. قال : ثم لما طرح ما يؤخذ من العنب عن الناس في ولاية داود بن عيسى على المدينة سنة ثمان وتسعين ومائة أخرج من بيت المال.
قال : ولم يزل رزق صاحب زيت المسجد ثلاثة دنانير تجرى عليه في كل شهر من بيت المال ، وعليه فيها ما تكسر من القناديل ، انتهى.
وقال ابن النجار : وفي يومنا هذا يصل الزيت من مصر من وقوف هناك ، ومقداره سبعة وعشرون قنطارا بالمصري ، ويصل معه مائة وستون شمعة بين كبار وصغار ، وعلبة فيها مائة مثقال ند لتجمير المسجد ، انتهى.
قلت : وفي زماننا يحمل له من الزيت من مصر والشام زيادة على مائة قنطار بعضها من أوقاف تحت نظر قاضي الشافعية بمصر وبعضها تحت نظر الإمام بمصر ، والله أعلم.
الفصل الحادي والثلاثون
فيما احتوى عليه المسجد من الأروقة والأساطي
ن والبالوعات والسقايات والدروع ، وغير ذلك مما يتعلق به من الرسوم
وصف عام
قال ابن جبير : إن المسجد النبوي مستطيل يحفه من جهاته الأربع بلاطات مستديرة به ، ووسطه كله صحن ، فجهة القبلة منها ـ يعني المسقف القبلي ـ خمس بلاطات ، يعني أروقة ، وقد قدمنا أنه زيد فيه رواقان آخرون فصار سبعة أروقة آخذة من المشرق إلى المغرب ، قال : والجهة الشامية خمسة أروقة أيضا.
قلت : وهذا موافق لما قدمناه في زيادة المهدي عن ابن زبالة من أنه جعل خمس أساطين في السقائف الشامية ، وقدمنا أن الموجود به اليوم أربع فقط ، وذلك أربعة أروقة ، فكأنه لما زيد بعد الحريق الأول الرواقان في مسقف القبلة اختصروا رواقا من المسقف الشامي فأدخلوه في صحن المسجد ، ولم أر من نبه على ذلك من المؤرخين ، وهذا المسقف هو المسمى اليوم بالدكاك ؛ لارتفاعه على بقية أرض المسجد ، ولم أعلم وقت حدوث ذلك ، ولم يتعرض ابن جبير لذكر ارتفاعه مع ذكره لما دون ذلك ، وقد كانت رحلته قبل حريق المسجد الأول فلعل ذلك مما حدث بعده ، كما حدثت الدكتان اللتان بجنبتي المسجد في الحريق الثاني كما سبق.