جدران المسجد
وحدث في زماننا قبيل ذلك عند طرف الدكاك القبلي مما يلي المغرب دكة بارزة هناك ، وهي الدكة التي وضع بها ما أخرج من جوف الحجرة الشريفة من الهدم في العمارة التي أدركناها.
وفي كلام ابن زبالة ما يؤخذ منه تسمية المسقف الشامي بسقائف النساء.
قال ابن جبير : والجهة الشرقية ثلاثة أروقة آخذة من القبلة إلى الشام ، والجهة الغربية أربعة كذلك ، هذا ما ذكره ابن جبير إلا أنه عبر في الجميع بالبلاطات بدل الأروقة ، وكذا صنع ابن عبد ربه في العقد ، وهو مطابق لما عليه المسجد اليوم ، إلا ما أشرنا إليه في المسقف القبلي والشامي.
قال ابن جبير : ونصف جدار القبلة الأسفل رخام موضوع إزارا على إزار ، أي : وزرة فوق أخرى ، مختلف الصنعة واللون ، مجزع أبدع تجزيع ، والنص الأعلى من الجدار منزل كله بفصوص من الذهب المعروف بالفسيفساء قد أنتج الصناع فيه نتائج من الصنعة غريبة تضمنت تصاوير أشجار مختلفات الصفات مائلة الأغصان بثمرها ، والمسجد كله على تلك الصنعة ، لكن الصنعة في جدار القبلة أحفل ، والجدار الناظر إلى الصحن من جهة القبلة كذلك ، ومن جهة الشام أيضا ، والغربي والشرقي الناظران إلى الصحن مجددان أيضا ومقرنصان قد زينا برسم يتضمن أنواعا من الأصبغة ، إلى ما يطول وصفه ، انتهى.
ووصف ابن عبد ربه في «العقد» ما في جدار القبلة من وزارت الرخام وطرر الذهب والفسيفساء ، ثم قال : وحيطان المسجد كلها من داخله مزخرفة بالرخام والذهب والفسيفساء أولها وآخرها.
وذكر أيضا أن رءوس الأساطين مذهّبة عليها أكف منقشة مذهّبة ، وكذلك أعتاب الأبواب مذهبة أيضا.
قلت : وقد زال ذلك كله بسبب الحريق الأول ، وبقي من آثاره شيء يسير في مؤخر المسقف الغربي بجدار المسجد مما يلي الدكاك ، وشيء يسير بالمأذنة الغربية الشمالية مما يلي بابها فيه شيء من الفسيفساء. وأما جدار القبلة فليس به اليوم إلا لوح يتضمن صور أشجار عن يمين مستقبل المحراب الشريف ، وهو من الآثار القديمة ، وكان يقابله في جهة يسار المستقبل لوح مثله سقط قريبا ، ثم زال ذلك كله في الحريق الثاني. وبالجدار المذكور اليوم وزرة رخام أول من أحدثها بعد الحريق الأول الظاهر جقمق كما قدمناه مع بيان أن المحراب العثماني وما حوله كان مرخما قبل ذلك ، وبقية المسجد مبيض أحسن بياض.
وفي جدار القبلة عصابتان من طراز تقدم ذكرهما أيضا ، وكان قد انقشر من العليا