الاقتداء بمن غرسه قبله وخنق في عنقه من هذا المنكر حبله ، وقد انجعفت تلك النخيل لهبوب عاصفة هبت في أواخر مشيخة ياقوت الرسولي ، ثم أعيد الغراس ، ووقع الإنكار من بعض الناس ، لكن لم يصادف كلامه محلا من الإشارة والإفادة ، ولعله سوغ حملا على احتمال أنه لم يغرس أولا إلا بنوع من الاستحقاق ، لكن لا يخفى ما في اعتماد الاحتمال البعيد من قلة التقى.
قلت : وقد أراد طوغان شيخ أن يزيد فيه سنة ثلاث وسبعين وثمانمائة ، فأنكرت ذلك ، وقام بعض أهل الخير في المنع منه ، فبطل ذلك ولله الحمد.
أئمة المسجد
ولم يزل المسجد النبوي بإمام واحد يصلي بالناس في مقام النبي صلىاللهعليهوسلم ، ويتقدم أيام الموسم إلى المحراب العثماني ، حتى سعى طوغان شيخ المذكور في إحداث محراب للحنفية في دولة الأشرف إينال ، فقام أهل المدينة في منعه ، وساعدهم على ذلك من أرباب الدولة المصرية صاحب الشيم المرضية جمال الدين يوسف ناظر الخواص الشريفة ، تغمده الله برحمته ، فلم يتم لطوغان المذكور ذلك ، فلما توفي المشار إليه أعاد طوغان السعي في الدولة المذكورة ، فبرزت المراسيم به بعد الستين وثمانمائة ، واستمر إلى زماننا فيصلي إمامه الصلوات الخمس عقب انصراف إمام المحراب النبوي ، وهو إمام الشافعية ، إلا في التراويح فيصليان معا ، وهذا الأمر دبّ إلى المدينة الشريفة من مكة المشرفة.
وقد قال الزركشي : إن السبب في حدوث ذلك بها أن الإمام كان في ذلك الوقت مبتدعا ، فعند ما امتنع الناس من إقامة الجماعة مع إمامهم الذي أقاموه سمحوا للناس في اتخاذ أئمة لأنفسهم ، واستمر الأمر عليه ، وكذا جرى مثله في بيت المقدس وجامع مصر قديما ، انتهى.
وقد بينا حكم ذلك في كتابنا الموسوم «بدفع التعرض والإنكار ، لبسط روضة المختار».
عرض جدار المسجد
وقال ابن زبالة ويحيى : وعرض منقبة جدار المسجد مما يلي المغرب ذراعان ينقصان شيئا ، وعرض منقبته مما يلي المشرق ذراعان وأربعة أصابع ، وإنما زيد فيه لأنها من ناحية السيل.
قلت : وهذا لأن السيل كان يغشى المسجد من تلك الجهة ، ولهذا سقط جدار الحجرة الشرقي كما قدمناه ، وسقط أيضا جدار المسجد من الناحية المذكورة كما قدمناه من قول ابن