مع ما قدمناه أيضا من أن الأصل في ذلك أن جبريل عليهالسلام في غزوة بني قريظة أتى على فرس عليه اللأمة حتى وقف بباب المسجد عند موضع الجنائز ، ولم يكن ثم حينئذ غير الباب المذكور وروى ابن زبالة عن المطلب بن عبد الله أن حارثة بن النعمان مرّ والنبي صلىاللهعليهوسلم مع جبريل في موضع الجنائز ، فمر ولم يسلم ، فقال جبريل للنبي صلىاللهعليهوسلم : أهو ممن شهد بدرا؟ قال : نعم ، قال : فكيف هو في أمتك؟ أيرون لهم به؟ قال : نعم ، قال : ما زالت الملائكة الذين شهدوا بدرا معك يرى لهم ، قال : فجاء حارثة إلى النبي صلىاللهعليهوسلم فقال : هل رأيت الرجل الذي كان معي؟ قال : نعم وشبهته بدحية الكلبي ، قال النبي صلىاللهعليهوسلم : فإنه جبريل ، وقد قال لو سلم لرددنا عليه ، فقال : ما منعني من السلام إلا أني رأيتك تحدّث معه فكرهت أن أقطعه عنك ، وروى البيهقي في الدلائل عن حارثة بن النعمان قال : مررت على رسول الله صلىاللهعليهوسلم ومعه جبريل جالس في المقاعد ، فسلمت عليه ومررت ، فلما رجعنا وانصرف النبي صلىاللهعليهوسلم قال لي : هل رأيت الذي كان معي؟ قلت : نعم ، قال : فإنه جبريل عليهالسلام ، وقد ردّ عليك السلام.
وكان مكتوبا على هذا الباب من خارجه بعد البسملة (لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ) [التوبة : ١٢٨] الآيتين.
باب ريطة (باب النساء)
الرابع : باب ريطة بفتح الراء ابنة أبي العباس السفاح ، كان يقابل دارها ، ويعرف بباب النساء ، وسبب تسميته بذلك ما رواه أبو داود من طريق عبد الوارث عن أيوب عن نافع عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : لو تركنا هذا الباب للنساء ، قال : نعم ، فلم يدخل منه ابن عمر حتى مات. ثم قال أبو داود عقبه : وقال غير عبد الوارث ، وهو أصح ، ثم رواه من طريق إسماعيل عن أيوب عن نافع عن ابن عمر «قال قال عمر» بمعناه ، قال : وهو أصح. ثم رواه أيضا من طريق بكير عن نافع قال : إن عمر بن الخطاب كان ينهى أن يدخل من باب النساء ، وهذا هو المعتمد ؛ لما تقدم من أنه لم يكن في زمنه صلىاللهعليهوسلم في شرقي المسجد غير باب آل عثمان. وقد روى ابن زبالة ويحيى من طريقه عن ابن عمر قال : سمعت عمر حين بنى المسجد يقول : هذا باب النساء ، فلم يدخل منه ابن عمر حتى لقي الله ، وكان لا يمر بين أيدي النساء وهن يصلين.
ودار ريطة التي كانت مقابلة لهذا الباب قال المطري : كانت دار أبي بكر الصديق ، ونقل أنه توفي فيها ، وهي الآن مدرسة للحنفية بناها ياركوج أحد أمراء الشام ، وعمل له فيها مشهدا نقل إليه من الشام ، والطريق إلى البقيع بينها وبين دار عثمان ، نقل ذلك ابن زبالة.