تقدم أنه بناه مع بناء المسجد ، وهو الظاهر ؛ لأنها كانت حينئذ زوجته ، غير أنه لم يبن لها فتأهب لذلك بأن بنى لها حجرتها.
وذكر الأقشهري أن ابن عبد البر روى من طريق الزبير بن بكار عن عائشة رضياللهعنها خبرا طويلا في قدومها المدينة قالت فيه : ثم إنا قدمنا المدينة ، فنزلت مع آل أبي بكر ، ونزل آل النبي صلىاللهعليهوسلم عليه ، وكان رسول الله صلىاللهعليهوسلم يا بني مسجده وأبياتا حول المسجد ، فأنزل فيها أهله ، فمكثنا أياما ، ثم قال أبو بكر : يا رسول الله ما يمنعك أن تبني بأهلك؟ قال : الصداق ، فأعطاه أبو بكر اثنتي عشرة أوقية ونشا (١) فبعث بها إلينا ، وبنى لي رسول الله صلىاللهعليهوسلم في بيتي هذا الذي أنا فيه ، وهو الذي توفي فيه ودفن فيه.
المشربة
قلت : ولم أر في كلام المؤرخين من تعرض للمشربة التي اعتزل فيها رسول الله صلىاللهعليهوسلم لما آلى من نسائه شهرا ، ومقتضى ذلك أنه لم يكن بابها من بيت واحدة منهن ليتأتى عدم الدخول عليهن ، والذي في الصحيح قول حفصة : هو ذاقي المشربة ، وفي رواية تسميتها علّبة ، وفي رواية غرفة ، وقد بوب عليه البخاري باب هجرة النبي صلىاللهعليهوسلم نساءه في غير بيوتهن ، وفي رواية «هو في خزانته في المشربة» وفي رواية «فإذا رسول الله صلىاللهعليهوسلم في مشربة يرقى عليها بعجلة» وفي رواية «فدخلت فإذا أنا برباح غلام رسول الله صلىاللهعليهوسلم قاعد على أسكفة المشربة (٢) مدل رجليه على نقير من خشب وهو جذع يرقى عليه رسول الله صلىاللهعليهوسلم وينحدر».
وقال السهيلي : قال الحسن البصري : كنت أدخل بيوت رسول الله صلىاللهعليهوسلم وأنا غلام مراهق وأنال السقف بيدي ، وكان لكل بيت حجرة ، وكانت حجرة من أكسية من خشب عرعر.
وورد أن بابه صلىاللهعليهوسلم كان يقرع بالأظافير : أي : لا حلق له.
وقال مالك : كان المسجد يضيق عن أهله ، وحجر أزواج النبي صلىاللهعليهوسلم ليست من المسجد ، ولكن أبوابها شارعة في المسجد.
وقال ابن سعد : أوصت سودة ببيتها لعائشة رضياللهعنها ، وباع أولياء صفية بنت حيي بيتها من معاوية بمائة ألف وثمانين ألف درهم ، واشترى معاوية من عائشة منزلها
__________________
(١) النش : نصف كل شيء. يقال : نشّ أوقية. ووزن مقداره عشرون درهما.
(٢) أسكفة المشربة : عتبة المشربة.