قال يحيى : وحدثني عبد الله بن محمد بن عبد الله بن حسن بن حسن بن علي رضياللهعنهما مثله ، وزاد فيه أن حسن بن حسن وفاطمة بنت الحسين أبوا أن يخرجوا منه ، فأرسل إليهم الوليد بن عبد الملك : إن لم تخرجوا منه هدمته عليكم ، فأبوا أن يخرجوا ، فأمر بهدمه عليهم وهما فيه وولدهما ، فنزع أساس البيت وهم فيه ، فلما نزع أساس البيت قالوا لهم : إن لم تخرجوا قوّضناه (١) عليكم ، فخرجوا منه حتى أتوا دار علي نهارا.
وروى ابن زبالة عن منصور مولى الحسن بن علي قال : كان الوليد بن عبد الملك يبعث كل عام رجلا إلى المدينة يأتيه بأخبار الناس وما يحدث بها ، قال : فأتاه في عام من ذلك ، فسأله ، فقال : لقد رأيت أمرا لا والله ما لك معه سلطان ولا رأيت مثله قط ، قال : وما هو؟ قال : كنت في مسجد النبي صلىاللهعليهوسلم ، فإذا منزل عليه كلة ؛ فلما أقيمت الصلاة رفعت الكلة وصلى صاحبه فيه بصلاة الإمام هو ومن معه ، ثم أرخيت الكلة ، وأتى بالغداء فتغدى هو وأصحابه ، فلما أقيمت الصلاة فعل مل ذلك ، وإذا هو يأخذ المرآة والكحل وأنا أنظر ، فسألت ، فقيل : إن هذا حسن بن حسن ، قال : ويحك! فما أصنع هو بيته وبيت أمه ، فما الحيلة في ذلك؟ قال : تزيد في المسجد وتدخل هذا البيت فيه ، قال : فكتب إلى عمر بن عبد العزيز يأمره بالزيادة في المسجد ويشتري هذا المنزل ، قال : فعرض عليهم أن يبتاع منهم فأبوا ، وقال حسن : والله لا نأكل له ثمنا أبدا ، قال : وأعطاهم به سبعة آلاف دينار أو ثمانية ، فأبوا ، فكتب إلى الوليد بن عبد الملك في ذلك ، فأمره بهدمه وإدخاله ، وطرح الثمن في بيت المال ، ففعل ، وانتقلت منه فاطمة بنت حسين بن علي إلى موضع دارها بالحرة فابتنتها.
قلت : وسيأتي بقية هذا الخبر في ذكر بئرها ، إن شاء الله تعالى.
قال ابن زبالة : وحدثني غير واحد من أهل العلم منهم : إبراهيم بن محمد الزهري عن أبيه عن عبد الرحمن بن حميد ، ومحمد بن إسماعيل عن محمد بن عمار عن جده ، ومحمد بن عبد الله عن عبيد الله بن عمر ، وعبد الله بن عمر بن حفص وعبد العزيز بن محمد عن عبيد الله ابن عمر بن حفص ، وسليمان بن محمد بن أبي سبرة ومحمد بن طلحة عن عثمان بن عبد الرحمن بن عثمان ، وبعضهم يزيد على بعض ، أن عمر بن عبد العزيز لما جاءه كتاب الوليد بهدم المسجد والزيادة فيه بعث إلى رجال من آل عمر ، فقال : إن أمير المؤمنين كتب إلى أن أبتاع بيت حفصة ، وكان عن يمين الخوخة : أي خوخة آل عمر ، وكان بينه وبين منزل عائشة الذي فيه قبر رسول الله صلىاللهعليهوسلم طريق ، وكانتا يتهاديان الكلام وهما في منزليهما من قرب ما بينهما ، فلما دعاهم قال : إن أمير المؤمنين قد أمرني أن أبتاع هذا المنزل وأدخله في
__________________
(١) قوّضناه عليكم : هدمناه عليكم. و ـ انقاض الجدار أو الكثيب : تهدم وانهال.