قال : فأما القبور التي في الحظار بالحجارة بين قبر حمزة وبين الجبل فإنه بلغنا أنها قبور أعراب أقحموا زمن خالد إذ كان على المدينة فماتوا هناك فدفنهم ، سؤّال كانوا يسألون عند قبور الشهداء.
قال : وقال الواقدي : هم ماتوا زمن الرّمادة.
قلت : زمن الرمادة عام جدب مشهور ، كان في خلافة عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه.
وأما زمن خالد فيعني به خالد بن عبد الملك بن الحارث ، كان واليا لهشام بن عبد الملك فقحط المطر في ولايته سبع سنين ، وفيها جلا الناس من بادية الحجاز إلى الشام ، ولا يعرف اليوم من قبور الشهداء غير قبر حمزة رضي الله تعالى عنه كما قاله ابن النجار.
قال : وأما بقية الشهداء فهناك حجارة مرصوصة يقال : إنها قبورهم.
قلت : ينبغي أن يسلم على بقيتهم عند قبر حمزة وفي غربيه وشاميه على النحو المتقدم.
وقال المطري ومتابعوه : وشمالي مشهد حمزة رضي الله تعالى عنه آرام من حجارة يقال : إنها من قبور الشهداء ، ولم يثبت ذلك بنقل صحيح.
وقد ورد في بعض كتب المغازي أن هذه القبور قبور أناس ماتوا عام الرّمادة ، ولا شك أن قبور الشهداء رضي الله تعالى عنهم حول قبر حمزة ؛ إذ لا ضرورة أن يبعدوا عنه ، انتهى.
قلت : قد تقدم النقل ببعد بعضهم عنه على نحو خمسمائة ذراع في المغرب ، والمقتضى للبعد الأمر بدفنهم في مصارعهم ، والقبور التي قيل إنها ليست قبورهم هي التي عليها حائز قصير من الأحجار قرب الجبل.
من دفن بالمدينة من قتلى أحد
ذكر قبور من قيل إنه نقل من شهداء أحد ودفن بقبره
قال ابن إسحاق : وكان ناس من المسلمين قد احتملوا قتلاهم إلى المدينة فدفنوهم بها ، فنهى رسول الله صلىاللهعليهوسلم عن ذلك ، وقال : ادفنوهم حيث صرعوا.
وتقدم في فصل مقبرة بني سلمة ما روى من دفن بعض قتلى أحد بها ، منهم أبو عمرو بن سكن.
وتقدم في فصل قبل هذا أن خنيس بن حذافة تأخرت وفاته فمات بالمدينة ، ودفن عند عثمان بن مظعون.
وروى ابن شبة عن عبد الرحمن بن عمران عن أبيه قال : نقلنا عبد الله بن سلمة والمحذر بن زياد فدفناهما بقباء.