وقال الحافظ ابن حجر : وبيع حسان لحصته من معاوية دليل على أن أبا طلحة ملّكهم الحديقة المذكورة ، ولم يقفها عليهم ، ويحتمل أنه وقفها وشرط أن من احتاج إلى بيع حصته جاز له كما قال بجوازه علي وغيره.
قلت : وقد اشترط علي في صدقته كما حكاه ابن شبة عن نسخة كتاب الصدقة
قال ابن النجار : وبيرحاء اليوم في وسط حديقة صغيرة جدّا ، فيها نخيلات ويزرع حولها ، وعندها بيت مبني على علو من الأرض ، وهي قريبة من سور المدينة ، وهي لبعض أهلها ، وماؤها عذب حلو.
وقال المطري : وهي شمالي سور المدينة بينهما الطريق ، وتعرف الآن بالنورية اشتراها بعض النساء النوريين ووقفها على الفقراء والمساكين فنسبت إليها ، قال ابن النجار : وذرعتها فكان طولها عشرين ذراعا ، منها أحد عشر ذراعا ماء ، والباقي بنيان ، وعرضها ثلاثة أذرع وشبر.
قلت : وهي اليوم على هذا النعت ، وفي قبلتها مسجد ليس من بناء الأقدمين لم يذكره ابن النجار ولا المطري ، وكأنه لما حدث بعدهما. وذكره المجد فقال : وفي بيرحاء بير قريبة الرشاء ضيقة القنا طيبة الماء ، وأمامها إلى القبلة مسجد صغير في وسط الحديقة.
قلت : وقوله في حديث الصحيح «وكانت مستقبلة المسجد» معناه أن المسجد في جهة قبلتها ، فلا ينافي بعدها عنه على هذه المسافة الموجودة اليوم ، والظاهر أن بعض أرضها كان داخل سور المدينة ؛ لما تقدم من قسمتها وابتناء القصر في بعضها ، ولم أر للفقراء أثرا هناك.
وقد تقدم أن حش أبي طلحة الذي في شامي المسجد منسوب إلى أبي طلحة صاحبها ، فربما كانت أمواله ممتدة إلى هناك. وأما دار محمد بن طلحة التيمي التي ذكر ابن شبة أنه أحد باني القصر المبني عليها عنده فيظهر أنها غير دار إبراهيم بن محمد بن طلحة التي هي من دار جده طلحة المتقدم ذكرها في الدور المطيفة بالمسجد ، لنسبتها لإبراهيم بن محمد ، ونسبة هذه لأبيه ؛ فلا يقدح ذلك في كون بيرحاء هي المعروفة اليوم ، والله أعلم.
ضبط بيرحاء
تنبيه : في ضبط بيرحاء ، وقد أفرد له بعضهم مصنفا ذكر المجد ملخصه ، وقد اختلف الناس في ضبطه ، قال صاحب النهاية : بيرحاء بفتح الباء وكسرها ، وبفتح الراء وضمها ، وبالمد فيهما ، وبفتحهما والقصر ، قال الزمخشري : بيرحاء اسم أرض كانت لأبي طلحة ، وكأنها فيعلى من البراح ، وهي الأرض المنكشفة الظاهرة ، وقال مرة : رأيت محدّثي مكة يقولون بيرحاء على الإضافة ، وحاء : من اسم القبائل ، وقيل : اسم رجل ، وعلى هذا يكون منونا ، قال ياقوت : بيرحا بوزن خيزلى ، وقيل لي بيرحاء مضاف إليه ممدود ، قال : ورواية