قال المطري ، وتبعه من بعده ، بعد بيان إحرامه صلىاللهعليهوسلم عند ما انبعثت به راحلته من عند المسجد : فينبغي للحاج إذا وصل إلى ذي الحليفة أن لا يتعدى في زاوية المسجد المذكور وما حوله من القبلة والمغرب والشام ، بحيث لا يبعد عما حول المسجد ، وإن كثيرا من الحجاج يتجاوزون ما حول المسجد إلى جهة المغرب ، ويصعدون إلى البيداء ، فيتجاوزون الميقات بيقين.
قلت : لم يبين نهاية ذي الحليفة. وقوله «حول المسجد» لا ضابط له ، ولا يلزم من نزوله صلىاللهعليهوسلم بالمسجد وما حوله انحصار ذي الحليفة في ذلك ، وسنشير إلى زيادة في ذلك في ترجمة ذي الحليفة ، مع بيان المسافة التي بينها وبين المدينة.
قال المطري : وهذا المسجد هو المسجد الكبير الذي هناك ، وكان فيه عقود في قبلته ، ومنارة في ركنه الغربي الشمالي ، فتهدمت على طول الزمان.
قال المجد : ولم يبق منه إلا بعض الجدران وحجارة متراكمة.
قلت : جدد المقر الزيني زين الدين الاستدار بالمملكة المصرية تغمده الله برحمته هذا الجدار الدائر عليه اليوم ، لما كان بالمدينة معزولا عام أحد وستين وثمانمائة ، وبناه على أساسه القديم ، وموضع المنارة في الركن الغربي باق على حاله ، وجعل له ثلاث درجات من المشرق والمغرب والشام ، في كل جهة منها درجة مرتفعة ، حفظا له عن الدواب ، ولم يوجد لمحرابه الأول أثر لانهدامه ، فجعل المحراب في وسط جدار القبلة ، ولعله كان كذلك ، واتخذ أيضا الدرج التي للآبار التي هناك ينزل عليها من يريد الاستقاء.
وطول هذا المسجد من القبلة إلى الشام اثنان وخمسون ذراعا ، ومن المشرق إلى المغرب مثل ذلك.
مسجد آخر بذي الحليفة
قال المطري : وفي قبلته مسجد آخر أصغر منه ، ولا يبعد أن يكون النبي صلىاللهعليهوسلم صلّى فيه أيضا ، بينهما مقدار رمية سهم أو أكثر قليلا ، انتهى.
قلت : ويؤخذ مما سيأتي عن الأسدي أنه مسجد المعرّس ، والله أعلم.
مسجد المعرس
ومنها : مسجد المعرس ـ قال أبو عبد الله الأسدي في كتابة وهو من المتقدّمين يؤخذ من كلامه أنه كان في المائة الثالثة بذي الحليفة عدة آبار ومسجدان لرسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فالمسجد الكبير الذي يحرم الناس منه ، والآخر مسجد المعرّس ، وهو دون مصعد البيداء ناحية عن هذا المسجد ، وفيه عرّس رسول الله صلىاللهعليهوسلم منصرفه من مكة.
قلت : ليس هناك غير المسجد المتقدم ذكره في قبلة مسجد ذي الحليفة على نحو رمية سهم سبقي منه ، وهو قديم البناء بالقصّة والحجارة المطابقة ؛ فهو المراد.