فهذه السيالة وكانت قد تجدد فيها بعد النبي صلىاللهعليهوسلم عيون وسكان ، وكان لها وال من جهة والي المدينة ولأهلها أخبار وأشعار ، وبها آثار البناء وأسواق ، وآخرها الشرف المذكور ، والمسجد عنده ، وعنده قبور قديمة كانت مدفن أهل السيالة ، ثم تهبط في وادي الروحاء مستقبل القبلة ، ويعرف اليوم بوادي بني سالم ، بطن من حرب عرب الحجاز ؛ ثم ذكر ما سيأتي.
قلت : وتلك القبور التي عند المسجد مشهورة بقبور الشهداء ، ولعله لكون بعضهم دفن فيها ممن قتل ظلما من الأشراف الذين كانوا بالسيالة وبسويقة ، كما يؤخذ مما سنشير إليه في ترجمة سويقة.
مسجد عرق الظبية
ومنها مسجد عرق الظّبية ـ قال المطري عقب قوله «ثم يهبط في وادي الروحاء مستقبل القبلة» ما لفظه : فتمشي مستقبل القبلة وشعب على يسارك ، إلى أن تدور الطريق بك إلى المغرب وأنت مع أصل الجبل الذي على يمينك ، فأول ما يلقاك مسجد على يمينك كان فيه قبر كبير في قبلته فتهدم على طول الزمان ، صلّى فيه رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، ويعرف ذلك المكان بعرق الظبية ، ويبقى جبل ورقان على يسارك ، قال : وفي المسجد الآن حجر قد نقش عليه بالخط الكوفي عند عمارته الميل الفلاني من البريد الفلاني ، انتهى.
وقال الأسدي : وعلى تسعة أميال ـ يعني من السيالة ـ وأنت ذاهب إلى الرّوحاء مسجد للنبي صلىاللهعليهوسلم يقال له مسجد الظبية ، فيه كانت مشاورة رسول الله صلىاللهعليهوسلم لقتال أهل بدر ، وهو دون الروحاء بميلين ، انتهى.
وقال المجد في ترجمة الشرف : إن في حديث عائشة رضي الله تعالى عنها «أصبح رسول الله صلىاللهعليهوسلم يوم الأحد بملل على ليلة من المدينة ، ثم راح فتعشى بشرف السيالة ، وصلّى الصبح بعرق الظبية».
وروى ابن زبالة عن عمرو بن عوف المزني قال : أول غزوة غزاها النبي صلىاللهعليهوسلم وأنا معه غزوة الأبواء ، حتى إذا كان بالرّوحاء عند عرق الظبية قال : هل تدرون ما اسم هذا الجبل؟ يعني ورقان ، قالوا : الله ورسوله أعلم ، قال : هذا حمت جبل من جبال الجنة ، اللهم بارك لنا فيه ، وبارك لأهله فيه ، تدرون ما اسم هذا الوادي؟ يعني وادي الروحاء ، هذا سجاسج ، لقد صلّى في هذا المسجد قبلي سبعون نبيا ، ولقد مرّ بها ـ يعني الروحاء ـ موسى بن عمران في سبعين ألفا من بني إسرائيل عليه عباءتان قطوانيتان على ناقة له ورقاء ، ولا تقوم الساعة حتى يمر بها عيسى بن مريم حاجا أو معتمرا ، أن يجمع الله له ذلك.
ورواه الطبراني ، وفيه كثير بن عبد الله حسّن الترمذي حديثه ، وبقية رجاله ثقات ، إلا أنه قال فيه عقب قوله «وبارك لأهله فيه» وقال للروحاء هو سجاسج وهذا واد من أودية