قال الداودي وغيره : ليس هذا اختلافا ؛ لأن كلا منهما أسس على التقوى وكذا قال السهيلي وزاد أن قوله تعالى (مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ) يقتضي مسجد قباء ؛ لأن تأسيسه كان في أول يوم حلّ النبي صلىاللهعليهوسلم بدار الهجرة.
روى أحمد وابن شبة ، واللفظ لأحمد ، عن أبي هريرة قال : انطلقت إلى مسجد التقوى أنا وعبد الله بن عمر وسمرة بن جندب ، فأتينا النبي صلىاللهعليهوسلم فقالوا لنا : انطلق نحو مسجد التقوى ، فانطلقنا نحوه ، فاستقبلنا يداه على كاهلي أبي بكر وعمر ، فثرنا في وجهه فقال : من هؤلاء يا أبا بكر؟ فقال : عبد الله بن عمر ، وأبو هريرة ، وسمرة.
وروى ابن شبة من طرق ما حاصله أن الآية لما نزلت أتى رسول الله صلىاللهعليهوسلم أهل قباء ، وفي رواية أهل ذلك المسجد ، وفي رواية بني عمرو بن عوف فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم «إن الله قد أحسن عليكم الثناء في الطهور ، فما بلغ من طهوركم؟ قالوا : نستنجي بالماء».
وذكر أبو محمد المرجاني الجمع بأن كلا من المسجدين أسّس على التقوى ، ثم قال : فقد روي عن عبد الله بن بريدة في قول الله عزوجل (فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللهُ أَنْ تُرْفَعَ) قال : إنما هي أربعة مساجد ، لم يبنهنّ إلا نبي : الكعبة بناها إبراهيم وإسماعيل عليهماالسلام ، وبيت أريحاء بيت المقدس ، بناه داود وسليمان ، ومسجد المدينة مسجد قباء اللذين أسّسا على التقوى ، بناهما رسول الله صلىاللهعليهوسلم.
قلت : وقال يحيى بن الحسين في أخبار المدينة : حدثنا بكر بن عبد الوهاب أنبأنا عيسى بن عبد الله عن أبيه عن جده عن علي بن أبي طالب أن النبي صلىاللهعليهوسلم قال «المسجد الذي أسّس على التقوى من أول يوم هو مسجد قباء ، قال الله جل ثناءه (فِيهِ رِجالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ) [التوبة : ١٠٨] وبكر بن عبد الوهاب هو ابن أخت الواقدي صدوق ، وعيسى بن عبد الله يظهر لي أنه عيسى بن عبد الله بن مالك وهو مقبول ؛ فيكون جده حينئذ عبد الله بن مالك ، وهو شيخ مقبول يروى عن علي وابن عمر ؛ فالحديث حسن ؛ فتعين الجمع بما تقدم ، والله أعلم.
ما جاء في أن الصلاة فيه تعدل عمرة
روى الترمذي عن أسيد بن حضير الأنصاري عن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «الصلاة في مسجد قباء كعمرة» قال الترمذي : وفي الباب عن سهل بن حنيف ، وحديث أسيد حديث حسن غريب ، ولا يعرف لأسيد شيء يصح غير هذا الحديث.
قلت : وأخرجه البيهقي وابن ماجه من طريق أبي بكر بن شيبة بإسناد الترمذي ، وهو جيد ، بلفظ «الصلاة في مسجد قباء كعمرة».
وأخرج ابن حبّان في صحيحه عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما أنه شهد جنازة