يأتي مشرقا إلى قريب الحمراء التي يطلع منها إلى المدينة ، ثم يعرج يسارا ، ومن بئر المحرم يسمى العقيق ، فينتهي إلى غربي بئر رومة ، انتهى.
وقوله : «ومن بئر المحرم يسمى العقيق» أي في زمنه كزماننا ، وهو العقيق الأدنى في كلام عياض.
وقال عقب قوله «والعقيق الذي جاء فيه إنك بواد مبارك هو الذي ببطن وادي ذي الحليفة وهو الأقرب
منهما» ما لفظه : وهو الذي جاء فيه أنه مهلّ أهل العراق من ذات عرق ، اه. وهو خطأ ، إلا أن يحمل علي ما ذكره بعضهم من أن عقيق ذات عرق يتصل واديه بعقيق المدينة ، والمعروف قديما امتداده إلى النقيع كما سبق ، قال الزبير : سألت سليمان بن عياش السعدي : لم سمّي العقيق عقيقا؟ قال : لأن سيله عق في الحرة ، وكان سليمان من أففه من رأيت في كلام العرب.
وقوله «عق» أي شقّ وقطع في الحرة ، ولما شخص تبّع عن منزله بقناة ومر بالعرصة وكانت تسمى السليل قال : هذه عرصة الأرض ، فسميت العرصة ، ومر بالعقيق فقال : هذا عقيق الأرض ، فسمي العقيق ، وقيل : سمي بذلك لحمرة موضعه.
الفصل الثاني
في أقطاعه ، وابتناء القصور به ، وطريف أخبارها
رسول الله ص يقطع بلالا العقيق
روى ابن زبالة أن النبي صلىاللهعليهوسلم أقطع بلال بن الحارث العقيق كلّه ، فلما ولي عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه قال : إن رسول الله صلىاللهعليهوسلم لم يقطعكه لتحجره ، وأقطعه عمر الناس.
وقال ابن شبة : حدثنا محمد بن يحيى قال : حدثنا من نثق به من آل حزم وغيرهم أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم أقطع بلال بن الحارث المزني العقيق ، وكتب له فيه كتابا نسخته : بسم الله الرحمن الرحيم ، هذا ما أعطى محمد رسول الله بلال بن الحارث ، أعطاه من العقيق ما أصلح فيه معتملا. وكتب معاوية ، قال : فلم يعمل بلال في العقيق شيئا ، فقال له عمر في ولايته : إن قويت على ما أعطاك رسول الله صلىاللهعليهوسلم من معتمل العقيق فاعتمله ، فما اعتملت فهو لك كما أعطاكه رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فإن لم تعتمله أقطعته بين الناس ولم تحجره عليهم ، فقال بلال : تأخذ مني ما أعطاني رسول الله صلىاللهعليهوسلم؟ فقال : إن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قد اشترط عليك فيه شرطا ، فأقطعه عمر رضي تعالى عنه بين الناس ، ولم يعمل فيه بلال شيئا ؛ فلذلك أخذه عمر رضي الله تعالى عنه ، ورواه الزبير بن بكار ، وأسند نسخة القطيعة المذكورة عن هشام بن عروة.