وفي رواية أنها سألت سعيدا أن يدعو لها ، وقالت : إني ظلمتك ، فقال : لا أردّ على الله شيئا أعطانيه.
قال إبراهيم بن حمزة : وكان أهل المدينة يدعو بعضهم على بعض فيقول : أعماك الله كما أعمى أروى ، يريدونها ، ثم صار الجهال يقولون : أعماك الله كما أعمى الأروى ، يعني أروى الجبل ، يظنونها شديدة العمى.
وفي رواية أن سعيدا قال : اللهم إن كانت أروى كاذبة فلا تخرجها من الدنيا حتى تعمى ، وتجعل منيتها في بئرها ، فعميت ، فكانت لها جارية تخرج بها تقودها ، فتقول لها : أخبريني ما يعمل العمال ، فتخبرها ، فتقول لهم : أنتم تفعلون كذا وكذا ، وتصيح عليهم ، فغفلت الجارية عنها يوما ، فخرجت إلى العمال فوقعت في بئرها فماتت ، فلذلك يقولون : عمى أروى.
و عن يحيى بن موسى قال : كان أبو هريرة نزل الشجرة قبل أن تكون مزدرعا ، فمرّ به مروان وقد استعمله معاوية على المدينة فقال : مالي أراك هاهنا؟ قال : نزلت هذه البرية مع أبي أصلي في مسجد رسول الله صلى اللّه عليه وسلم بذي الحليفة ، فأقطعه مروان أرضه وضفرها له ، فتصدق بها أبو هريرة على ولده ، ولم يزل العقيق نخلا حتى عملت العيون.
ثنية الشريد
ونقل ابن زبالة أن ثنية الشريد كانت لرجل من بني سليم كان بقية أهل بيته ، فقيل له : الشريد ، وكانت أعنابا ونخلا لم ير مثلها ، فقدم معاوية المدينة ، فطلبها منه ، فأبى ، ثم ركب يوما فوجد عماله في الشمس ، فقال : مالكم؟ فقالوا : نسجم البئار ، فركب إلى معاوية فقال : يا أمير المؤمنين إنه لم يزل في نفسي منعي إياك ما طلبت مني ، فهو لك بما أردت ، فكتب إلى ابن أبي أحمد أن يدفع إليه الثمن ، قال : وسمعتهم يكثرونه جدّا ، فقال له ابن أبي أحمد : إن أمير المؤمنين لم يسمك بها وهي على هذه الحال ، فقال : إني رجوت حين صار أمري إليك التيسير علي ، فدفع إليه الثمن.
ومزارع ثنية الشريد من أرض المحرمين إلى أرض المنصور بن إبراهيم ، وقال الهجري : إن سيل العقيق يفضي إلى ثنية الشريد ، ومنها منازل وبئار كثيرة ، وهي ذات عضاه وآكام ، تنبت ضروبا من الكلأ ، صالحة للمال ، تحف الثنية شرقي عير الوادي وغربي جبل يقال له الفراء ، ثم يفضي إلى الشجرة التي بها المحرم والمعرس.
وقال ابن النجار عن أهل السير : إن النبي صلى اللّه عليه وسلم ولى العقيق لرجل اسمه هيصم المزني ، وأن ولاة المدينة لم يزالوا يولّون عليه ، حتى كان داود بن عيسى فتركه في سنة ثمان وتسعين ومائة.