حمى النقيع
قلت : وهي عدا النقيع بنجد ، وهي متقاربة ، بل سيأتي ما يؤخذ منه دخول النير في حمى ضرية. والنقيع بالنون المفتوحة والقاف المكسورة والياء التحتية الساكنة والعين المهملة على الصحيح المشهور ، وهو كل موضع يستنقع فيه الماء ، وبه سمي هذا الوادي. وحكى عياض عن أبي عبيد البكري أنه بالباء كبقيع الغرقد ، قال : ومتى ذكر دون إضافة فهو هذا.
قلت : الذي نقله السهيلي عن أبي عبيد أنه بالنون ، قال عياض : وأما الحمى الذي حماه النبي صلىاللهعليهوسلم ثم الخلفاء الأربعة فهو الذي يضاف إليه غور النقيع ، وفي حديث آخر «أتى بقدح لبن من النقيع». وحمى النقيع على عشرين فرسخا من المدينة ، وهو صدر وادي العقيق ، وهو أخصب موضع هناك ، وهو ميل في بريد ، فيه شجر ، ويستأجم حتى يغيب فيه الراكب ، فاختلف الرواة وأهل المعرفة في ضبطه : فوقع عند أكثر رواة البخاري بالنون ، وذكر نحو ما تقدم ، وهو موافق في ذكر المسافة لأبي علي الهجري ، وقد تقدم عنه أنه ينتهي إلى حضير ، وأن العقيق يبتدئ من حضير ، ولعل المراد من رواية ابن شبة في أن النقيع على أربعة برد من المدينة طرفه الأقرب إليها ، ومراد الهجري طرفه الأقصى.
وقال نصر : النقيع قرب المدينة كان لرسول الله صلىاللهعليهوسلم ، حماه ، وهو من ديار مزينة ، وهو غير نقيع الخضمات ، وكلاهما بالنون ، وأما الباء فيهما فخطأ صراح.
وقال الهجري : الطريق إلى الفرع وسيارة وسنانة والصابرة والقرنين جند والأكحل وأموال تهامة ؛ تعترض النقيع يسارا للخارج من المدينة ، وبعض الناس يجعلها إلى مكة ، وهي طريق التهمة.
ونقل أيضا أن أول الأحماء وأفضلها وأشرفها ما أحمى النبي صلىاللهعليهوسلم من النقيع ، أحماه لخيل المسلمين وركابهم ، فلما صلّى الصبح أمر رجلا صيّتا فأوفى على عسيب وصاح بأعلى صوته ، فكان مدى صوته بريدا ، ثم جعل ذلك حمى طوله بريد وعرضه الميل في بعض ذلك وأقل ، وذلك في قاع مدر طيب ينبت أحرار البقل والطرائف ويستأجم ـ أي : يستأصل أصله ويغلظ نبته حتى يعود كالأجمة ـ يغيب فيه الراكب إذا أحيا ، وفيه مع ذلك كثير من العضاه والغرقد والسّدر والسّيال والسّلم والطّلح والسّمر والعوسج ، ويحف ذلك القاع الحرة حرة بني سليم شرقا ، وفيها رياض وقيعان ، ويحف ذلك القاع من غربيه الصخرة ، وفي غربيه أيضا أعلام مشهورة مذكورة : منها برام ، والوائدة ، وضاف ، والشقراء ، وببطن قاع النقيع في صير الجبل غدر تضيف ، فأعلاها يراحم ، ثم ألبن ، وبعضهم يقول : يلبن ، وهو أعظمهما وأذكرهما.
وفي سنن أبي داود بسند حسن عن الصّعب بن جثامة أن النبي صلىاللهعليهوسلم حمى النقيع وقال «لا حمى إلا الله».