وقال : جبريل يؤم بي البيت. قال ابن رقيش : فحدثني نافع أن ابن عمر كان بعد إذا جاء مسجد قباء صلى إلى الأسطوان المخلّقة يقصد بذلك مسجد النبي صلىاللهعليهوسلم الأول.
قال ابن شبة : قال أبو غسان : وأخبرني من أثق به من الأنصار من أهل قباء أن موضع قبلة مسجد قباء قبل صرف القبلة أن القائم كان يقوم في القبلة الشامية فيكون موضع الأسطوان الشارعة في رحبة مسجد قباء التي في صف الأسطوان المخلقة المقدمة التي يقال لها إن مصلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم إلى حرفها.
قال : وأخبرني أيضا أن مصلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم في مسجد قباء بعد صرف القبلة كان إلى حرف الأسطوان المخلّق كثير منها المقدمة إلى حرفها الشرقي ، وهي دون محراب مسجد قباء عن يمين المصلى فيه.
وروى ابن زبالة عن عبد الملك بن بكر بن أبي ليلى عن أبيه أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم صلّى في مسجد قباء إلى الأسطوان الثالثة في الرحبة إذا دخلت من الباب الذي بفناء دار سعد بن خيثمة.
قلت : والباب المذكور هو المسدود اليوم يظهر رسمه من خارج المسجد في جهة المغرب ، وكان شارعا في الرواق الذي يلي الرحبة من المسقف القبلي ؛ فالأسطوان الثالثة في الرحبة هي الأسطوان التي عندها اليوم محراب في رحبة المسجد ؛ لانطباق الوصف المذكور عليها ؛ فهي المراد بقول الواقدي «كان المسجد في موضع الأسطوان المخلقة الخارجة في رحبة المسجد وهي التي كان ابن عمر يصلي إليها. ومقتضى ما تقدم عن أبي غسان أن هذه الأسطوانة عندها مصلّى رسول الله صلىاللهعليهوسلم الأول قبل تحويل القبلة ، وأن مصلاه بعد التحويل كان إلى الأسطوانة التي في صفّ هذه الأسطوانة مما يلي القبلة ، وهي الثالثة من أسطوان الرحبة المذكورة ؛ فإنها الموصوفة بما ذكره من كونها دون المحراب على يمين المصلى فيه ، والمصلى إلى حرفها الشرقي يكون محاذيا لمحراب المسجد ؛ فالرواق القبلي مزيد في المسجد ، وجعلوا المحراب به في محاذاة المصلى الشريف من الأسطوان المذكورة. لكن قوله في الرواية الأخرى «وقدم القبلة إلى موضعها اليوم» يقتضي أنه لم يزد أحد في جهة القبلة بعد النبي صلىاللهعليهوسلم ؛ فينبغي أن ينبرك بالصلاة عند محراب القبلة ، وعند المحلين من الأسطوانتين المذكورتين.
وقد اقتصر يحيى في بيان مصلى النبي صلىاللهعليهوسلم على الأسطوان التي في الرحبة ؛ فذكر رواية ابن زبالة ، ثم روى عن معاذ بن رفاعة قال : كان رسول الله صلىاللهعليهوسلم يصلي إلى الأسطوان الخارجة ، وهي في صفّ المخلقة ، وإنما كان موضعها يومئذ كهيئة العريش. ثم ذكر أن موسى بن سلمة حدثه أنه رأى أبا الحسن علي بن موسى الرضي يصلي إلى هذه الأسطوانة