بطحان الوادي في وسط المدينة ، انتهى. وليس المراد أنها متصلة بوادي بطحان ، بل بينهما بعد. ودار كثير هذه كانت قبله للوليد بن عقبة ، ثم اشتهرت بكثير بن الصلت ، وهو من التابعين ، ولد في زمن النبي صلىاللهعليهوسلم فوقع التعريف بداره ليقرب إلى ذهن السامع فهم ذلك ، وليس كثير بن الصلت هو الذي اختطها ، خلافا لما وقع في كلام الحافظ ابن حجر حيث قال : وإنما بنى كثير بن الصلت داره بعد النبي صلىاللهعليهوسلم بمدة ، لكنها لما كانت شهيرة في تلك البقعة وصف المصلّى بمجاورتها ، انتهى. ومأخذنا فيما قدمناه قول ابن شبة في دور بني عبد شمس ونوفل : واتخذ الوليد بن عقبة بن أبي معيط الدار التي في مصلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم التي صلى إليها العيد ، وهي يصلي إليها اليوم لآل كثير بن الصلت الكندي ، فجلد عثمان الوليد في الشراب ، فحلف لا يساكنه إلا وبينهما بطن واد ، فعارض كثير بن الصلت بداره هذه إلى دار كثير ببطحان التي يقال لها دار الوليد بن عقبة في شفير الوادي ، أي من العدوة الغربية كما بينه في موضع آخر.
تحديد المواضع التي صلى فيها العيد
وأما الموضع المذكور لصلاة العيد أولا عند أصحاب المحامل ـ وهم الذين يبيعون المحامل ويصنعونها ـ فيظهر أنه المسجد المعروف اليوم بمسجد علي رضي الله تعالى عنه الآتي ذكره.
وأما الموضع المذكور في الرواية الأخرى عند دار بن أبي الجنوب فلم أعلم محله ، غير أن دار ابن أبي الجنوب كانت بالحرّة الغربية التي غربي وادي بطحان كما يؤخذ مما سيأتي في الخندق ومسجد الشجرة والمغرس.
وأما الموضع المذكور في قوله «عند دار عبد الله بن درة المزني إلى آخره» فقد تقدم أن منازل مزينة كانت في غربي المصلى وفي قبلتها. وتقدم أن دار كثير بن الصّلت كانت قبلة المصلى ، ودار معاوية رضي الله تعالى عنه كانت في مقابلتها ، وسيأتي في بيان طريقه صلىاللهعليهوسلم إلى قباء أنه كان يمر على المصلى ثم يسلك في موضع الزقاق بين الدارين المذكورتين ؛ فيكون ذلك المحل في قبلة المصلى اليوم : إما من المغرب ، وإما من المشرق ، والأول هو الأقرب.
وأما بقية المواضع المذكورة فلم أعرف جهاتها ، غير أن الذي يظهر أنها حول المصلى ، وبعضها بسوق المدينة ، لذكر الحناطين فيها ، وسيأتي في مشهد مالك بن سنان أنه بطرف الحناطين ، والظاهر أن من هذه المواضع المسجد المعروف اليوم بمسجد أبي بكر رضي الله تعالى عنه بالحديقة المعروفة بالعريضية ، كما سيأتي عن المطري.
وأما ما رواه الشيخان وأبو داود والترمذي والنسائي من حديث البراء بن عازب رضي الله تعالى عنه قال : خرج رسول الله صلىاللهعليهوسلم يوم أضحى إلى البقيع فصلى ركعتين ثم أقبل