في تعديد المساجد : ومسجد العسكر ، ومسجد يمين هذا في أصل الجبل ، انتهى ؛ فيتأيد ذلك الاحتمال الثاني المذكور في الرواية المتقدمة لتسميته بمسجد العسكر ، على أنه قد ورد من حديث أبي هريرة أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم وقف على حمزة وقد قتل ومثّل به فلم ير منظرا كان أوجع لقبله منه ، فقال : رحمك الله أي عمّ ، فلقد كنت وصولا للرحم ، فعولا للخيرات ، فو الله لئن أظفرني الله بالقوم لأمثّلنّ بسبعين منهم ، فما برح حتى نزل : (وَإِنْ عاقَبْتُمْ فَعاقِبُوا بِمِثْلِ ما عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ) [النحل : ١٢٦] فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : بلى نصبر. وروى أيضا أن النبي صلىاللهعليهوسلم وقف على حمزة وصلّى عليه حينئذ.
قلت : فهذا ما جاء في أن الموضع المذكور مقتل حمزة كاف في إثباته في المساجد ، وسيأتي في بيان المشاهد الخارجة عن البقيع عند ذكر مشهد حمزة رضي الله تعالى عنه بيان أن الحجر المثبت على قبره اليوم أخطأ واضعه ، وأنه إنما نقل من هذا المسجد عند تهدّمه ، وفيه مكتوب بعد البسملة (إِنَّما يَعْمُرُ مَساجِدَ اللهِ) [التوبة : ١٨] الآية هذا مصرع حمزة بن عبد المطلب ومصلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، عمره حسين بن أبي الهيجاء سنة ثمانين وخمسمائة ، وكأنه جدده فلما تهدم وسقط ذلك المسن نقل إلى المشهد المذكور كما سنوضحه.
وأما المسجد المقابل لمشهد سيدنا حمزة في شرقيه وعند بابه فمحدث ، لم يذكره المطري ولا غيره ، وليس له أصل في المساجد المنسوبة للنبي صلىاللهعليهوسلم.
مسجد أبي ذر الغفاري
ومنها : مسجد صغير جدّا طوله ثمانية أذرع في ثمانية أذرع على يمين طريق السالك إلى أحد من طريق الأسواق ، فإذا جاوز البقيع المعروف ببقيع الأسواق قليلا كان على يمينه طريق إذا مشى فيها يسيرا وجد هذا المسجد عند النخيل المعروفة بالبحير ، وهو ثاني المسجدين اللذين ذكرهما المطري بقوله : وليس بالمدينة مسجد يعرف غير ما ذكر إلا مسجدّا على ثنية الوداع ومسجدّا آخر صغيرا جدّا على طريق السابلة ، وهي الطريق اليمنى الشرقية إلى مشهد حمزة رضي الله تعالى عنه ، يقال : إنه مسجد أبي ذرّ الغفاري رضياللهعنه ، ولم يرد فيهما نقل يعتمد عليه.
قلت : روى البيهقي في شعب الإيمان عن مولى لعبد الرحمن بن عوف قال : قال عبد الرحمن : كنت نائما في رحبة المسجد ، فرأيت رسول الله صلىاللهعليهوسلم خارجا من الباب الذي يلي المقبرة ، قال : فلبثت شيئا ثم خرجت على أثره فوجدته قد دخل حائطا من الأسواق ، فتوضأ ثم صلى ركعتين فسجد سجدة أطال فيها ، فلما تشهد تبدأت له ، فقلت : بأبي وأمي حين سجدت أشفقت أن يكون الله قد توفّاك من طولها ، فقال : إن جبريل عليهالسلام بشّرني أنه من صلّى عليّ صلى الله عليه ، ومن سلم عليّ سلم الله عليه. قال البيهقي : وقد رويناه من