وقد ذكر الغزالي هذا المسجد في زيارة البقيع فقال : ويستحب له أن يخرج كلّ يوم إلى البقيع بعد السلام على رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وذكر القبور التي تزار ، وقال عند ذكر قبر الحسن : ويصلي في مسجد فاطمة ، وذكره أيضا غيره.
وقال : إنه المعروف ببيت الحزن ؛ لأن فاطمة رضي الله تعالى عنها أقامت به أيام حزنها على أبيها صلىاللهعليهوسلم ، ولم يذكر دفنها به ، والقول بذلك من فروع القول بدفنها بالبقيع ، لكنه بعيد من الروايات السابقة لبعده جدّا من دار عقيل وعن قبر الحسن.
وقال المحب الطبري في «ذخائر العقبى ، في فضائل ذوي القربى» : أخبرني أخ لي في الله أن الشيخ أبا العباس المرسي رحمهالله تعالى كان إذا زار البقيع وقف أمام قبلة قبة العباس وسلم على فاطمة عليهاالسلام ، ويذكر أنه كشف له عن قبرها هناك.
قال الطبري : فلم أزل أعتقد ذلك لاعتقادي صدق الشيخ ، حتى وقفت على ما ذكره ابن عبد البر من أن الحسن لما توفي دفن إلى جنب أمه فاطمة رضي الله تعالى عنها ، فازددت يقينا.
قلت : وهو أرجح الأقوال ، والله أعلم.
قبر ابنها الحسن بن علي ، ومن معه
وما روي من نقل بدن علي ورأس الحسين إلى البقيع رضي الله تعالى عنهم.
وروى ابن شبة عن فائد مولى عبادل أن عبيد الله بن علي أخبره عمن مضى من أهل بيته أن حسن بن علي رضي الله تعالى عنهما أصابه بطن ، فلما حزبه وعرف من نفسه الموت أرسل إلى عائشة رضي الله تعالى عنهما أن تأذن له أن يدفن مع رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فقالت له : نعم ، ما كان بقي إلا موضع قبر واحد ، فلما سمعت بذلك بنو أمية استلأموا هم وبنو هاشم للقتال ، وقالت بنو أمية : والله لا يدفن فيه أبدا ، فبلغ ذلك حسن بن علي رضي الله تعالى عنهما ، فأرسل إلى أهله أما إذا كان هذا فلا حاجة لي به ، ادفنوني في المقبرة إلى جنب أمي فاطمة ، فدفن في المقبرة إلى جنب فاطمة رضي الله تعالى عنها.
وعن نوفل بن الفرات نحوه ، وفيه أن الحسن قال للحسين : لعل القوم أن يمنعوك إذا أردت ذلك كما منعنا صاحبهم عثمان بن عفان ، ومروان بن الحكم يومئذ أمير على المدينة ، وقد كانوا أرادوا دفن عثمان في البيت فمنعوهم ، فإن فعلوا فلا تلاحهم في ذلك وادفنّي في بقيع الغرقد ، ثم ذكر منع مروان ، وأن الحسين لما بلغه ذلك استلأم في الحديد واستلأم مروان في الحديد أيضا ، فأتى رجل حسينا فقال : يا أبا عبد الله ، أتعصي أخاك في نفسه قبل أن تدفنه؟ قال : فوضع سلاحه ، ودفنه في بقيع الغرقد.
وفي رواية لابن عبد البر أنهم لما استلأموا في السلاح بلغ ذلك أبا هريرة رضي الله