بجدار الدار ، قال عبد العزيز : فبلغني أن الزبير بن العوام اجتاز بالمغيرة وهو يا بني داره ، فقال : يا مغيرة ارفع مطمرك عن قبر أمي ، فأدخل المغيرة جداره ، فالجدار اليوم منحرف فيما بين ذلك الموضع وبين باب الدار.
قال عبد العزيز : وقد سمعت من يذكر أن المغيرة بن شعبة أبى أن يفعل ذلك مكانه من عثمان ، فأخذ الزبير السيف ثم قام على البناء ، فبلغ الخبر عثمان ، فأرسل إلى المغيرة يأمره بالمصير إلى ما أمره به الزبير ، ففعل.
وروى ابن زبالة عن محمد بن موسى بن أبي عبد الله قال : كان قبر صفية بنت عبد المطلب عند زاوية دار المغيرة بن شعبة الوضوء عليه ، فلما بنى المغيرة داره أراد أن يقيم المطمر عليه ، قال : فقال الزبير : لا ، والله لا تبني على قبر أمي ، فكفّ عنه.
قلت : والمعروف أن ذلك هو المشهد الآتي ذكره خارج باب البقيع ، والله أعلم.
قبر أبي سفيان بن عبد المطلب
قبر أبي سفيان بن الحارث بن عبد المطلب ، وما قيل في قبر عقيل وابن أخيه عبد الله بن جعفر ، رضي الله تعالى عنهم.
قال ابن شبة : قال عبد العزيز : بلغني أن عقيل بن أبي طالب رأى أبا سفيان بن الحارث يجول بين المقابر ، فقال : يا ابن عمّ مالي أراك هناك؟ قال : أطلب موضع قبر ، فأدخله داره وأمر بقبر فحفر في قاعتها ، فقعد عليه أبو سفيان ساعة ثم انصرف ، فلم يلبث إلا يومين حتى توفي فدفن فيه.
وقال الموفق بن قدامة : قيل عن أبي سفيان : إنه حفر قبره بنفسه قبل موته بثلاثة أيام ، قال : وكان سبب موته أنه حجّ فلما حلق الحلاق رأسه قطع تؤلولا كان في رأسه ، فلم يزل مريضا حتى مات بعد مقدمه من الحج سنة عشرين ، ودفن في دار عقيل ، وصلّى عليه عمر رضي الله تعالى عنهم.
قلت : والظاهر أنه بالمشهد المنسوب اليوم لعقيل ؛ لأن ابن زبالة وابن شبة لم يذكرا قبر عقيل بالبقيع ، وكذا الغزالي لما ذكر في الإحياء من يزار بالبقيع لم يذكره ، بل المنقول الذي ذكره ابن قدامة وغيره أن عقيلا توفي بالشام في خلافة معاوية ، فكان سبب اشتهار ذلك المشهد به كون الدار التي هو بها له ؛ ويحتمل على بعد أنه نقل من الشام ودفن بذلك المحل أيضا ، وأول من رأيته ذكر أنه بذلك المشهد ابن النجار ، فقال : وقبر عقيل بن أبي طالب أخي علي رضي الله تعالى عنهما في قبة أول البقيع ، ومعه في القبر ابن أخيه عبد الله بن جعفر الطيار بن أبي طالب ، وهو الجواد المشهور رضي الله تعالى عنه.