الطبيعي أن يظن المراقب للأحداث أن الهدف هو التمهيد ، ورصد الطرق والمسالك التي سيسلكها ذلك الجيش ، أو يمر بالقرب منها. لكي لا تفاجئه كمائن العدو بهجمات قد تؤثر على تماسكه ، وعلى معنوياته ..
وربما يكون الهدف من السرايا الاستطلاعية هو تحديد الهدف الأقصى ، الذي يراد تسديد الضربة القوية له ..
هل كان أبو قتادة عالما بهدف النبي صلىاللهعليهوآله :
ويظهر من ثنايا النصوص التي نقلناها : أن أبا قتادة ومن معه ما كانوا يعلمون إلى أين سيتوجه النبي «صلىاللهعليهوآله» ..
ولذلك قال : فلما انتهوا إلى ذي خشب بلغهم : أن رسول الله «صلىاللهعليهوآله» قد توجه إلى مكة ، فلحقوا به.
وهذا معناه : أنه «صلىاللهعليهوآله» قد مارس أقصى درجات الحيطة والحذر ، حتى إن نفس سراياه كانوا لا يعلمون بالهدف الذي يريد توجيه الضربة إليه ، ولا يعلمون بخطته الحربية ، ولا بمقاصد تحركاته ، حتى بعناوينها العامة ..
وبذلك يكون قد أعطى درسا عمليا فيما يرتبط بالأسرار الحربية ، على قاعدة ما روي عن أمير المؤمنين في قوله لأصحابه : «إن لكم عليّ أن لا أخفي عنكم سرا إلا في حرب» (١).
__________________
(١) راجع : نهج البلاغة (بشرح عبده) ج ٣ ص ٧٩ والأمالي للشيخ الطوسي ص ٢١٧ والبحار ج ٣٣ ص ٧٦ و ٤٦٩ وج ٧٢ ص ٣٥٤ ونهج السعادة ج ٤ ص ٢٢٩ وميزان الحكمة ج ١ ص ١٢٤ وشرح نهج البلاغة ج ١٧ ص ١٦ ووقعة صفين للمنقري ص ١٠٧.