مواقف مزعومة ، بل موهومة :
وقد زعمت النصوص المتقدمة : أن أبا بكر قد قال لأبي سفيان : والله ، لو أن الذر تقاتلكم لأعنتها عليكم ..
وأن عمر بن الخطاب قال : أنا أشفع لكم عند رسول الله؟! فو الله لو لم أجد إلا الذر لجاهدتكم به ، وما كان من حلفنا جديدا فأخلقه الله ، وما كان منه متينا فقطعه الله ، وما كان منه موصولا فلا وصله الله.
فقال أبو سفيان : جوزيت من ذي رحم شرا.
ونحن نشك في صحة هذه المزاعم :
أولا : ليس في كلام أبي سفيان ما يشير إلى أنه يطلب شفاعته عند رسول الله «صلىاللهعليهوآله» ، فما معنى قول عمر له : «أنا أشفع لكم عند رسول الله»؟!
ثانيا : لم يصرح أبو سفيان بأن الشفاعة كانت لهم فلعله يقصد الجوار لمن يتقاتلون فيما بينهم من العرب ، فإن دخولهم في جوار المسلمين يمنع الطرف المعتدي من مواصلة عدوانه.
ثالثا : قد تقدم : أن أبا سفيان يعبر عن عمر (كما ورد في بعض النصوص دون بعضها الآخر) : أنه أدنى العدو ، وهي كلمة تشير إلى أن عمر كان أقرب إلى قريش من سائر صحابة النبي «صلىاللهعليهوآله» ..
رابعا : إن ما نعرفه عن هذين الرجلين هو سعيهما في المواقع الحساسة إلى التخفيف من الوطأة على قريش ، وحفظ موقعيتها.
كما أن قريشا كانت تهتم بسلامتهما قدر الإمكان.