ثانيا : إذا كان العباس قد أسلم ، وكان مقيما بمكة مثلهم ، فإنه هو الآخر يستطيع أن يخبر النبي «صلىاللهعليهوآله» بما يريد معرفته.
ولو فرضنا : أنه كان قد خرج من مكة قبلهم ، وقد استجدت أمور بعده ولم يعلم بها ، فإن تلك الأمور لا تحتاج في الاستخبار عنها إلى هذا الوقت الطويل.
ثالثا : لماذا يشعرهم بأنه محتاج إلى ما عندهم ما دام أنه مسدد بالوحي الصادق؟ في حين أن المصلحة تقضي بأن يظهر لهم التسديد والرعاية الإلهية له ولمسيرته «صلىاللهعليهوآله» ..
إلا أن يقال : إنه «صلىاللهعليهوآله» إنما كان يتعامل مع الأمور وفق مسارها الطبيعي ، لا من خلال الوحي ، والغيب ، إلا في مواقع معينة ، ووفق شروط وضوابط لا تكون متوفرة في هذا الموقف ..
رابعا : هل كانوا مأمونين على ما يخبرونه في الأمور التي يسألهم ، حتى لو افترضنا حاجته إلى العلم بها؟!
ملك أم نبوة؟! :
لقد مضى على بعثة رسول الله «صلىاللهعليهوآله» أكثر من عشرين سنة ، عاش منها ثلاث عشرة سنة في مكة ، وأظهر لهم فيها تعاليم الإسلام ، وبيّن للناس تعاليمه وأحكامه ، وقرأ عليهم القرآن. وقد رأوا عن كثب معاملته لأصحابه ، ونظرة أصحابه إليه ، وتعاملهم معه. كما أنهم حتى بعد هجرته إلى المدينة في السنوات الثماني الأخيرة ، لم ينقطعوا عن تتبع أخباره ورصد حركته.