إن هذا الغضب واجب شرعي وأخلاقي وعقلي ، ناشئ عن الشعور بالمسؤولية ، وفي سياق مراعاة الحكم الشرعي ، والإصرار على تطبيق القيم الإنسانية بأمانة وبدقة ..
وغني عن القول : أن هذا الغضب لم يخرج رسول الله «صلىاللهعليهوآله» عن جادة الحق ، والإنصاف ، والاعتدال.
بل هو من أجل إرغام الخارجين عن هذه الجادة على الرجوع إليها ..
نصرت يا عمرو بن سالم :
قد لا حظنا : أن النبي «صلىاللهعليهوآله» يصر على الجهر بتصميمه على نصرة المظلومين من خزاعة ، وهو يستخدم في بياناته لهذا النصر صيغة فعل الماضي ، وكأنه يخبر عن حصول هذا الأمر فيما مضى من الزمان ، حتى أصبح كأنه تاريخ يحكى ، فيقول لعمرو بن سالم : «نصرت يا عمرو بن سالم» ولم يقل : ستنصر ، أو نحو ذلك.
ويقول في إخباره الغيبي بما حصل : «لبيك ، لبيك ، لبيك. نصرت ، نصرت ، نصرت». ولم يقل : سوف أنصرك ..
وقد تحقق مضمون هذه التلبية ، ونصر «صلىاللهعليهوآله» بني كعب أجمل نصر ، وأتمّه وأوفاه ..
لا نصرني الله إن لم أنصر بني كعب :
ولكن الأمر لم يقف عند هذا الحد ، بل تعداه إلى تأكيد تصميمه على نصر بني كعب ، بأسلوب قد يفاجئ الكثيرين ، وهو الطلب إلى الله أن يحجب عنه نصره ، إن لم يقم بهذا الواجب ..