بالقيام به يزيد على الدرجة التي تجب عليه ، فاحتاج إلى تأكيد هذا الالتزام بهذا النحو من المبادرة والتضحية بالنصر الإلهي حين الاحتياج إليه.
وعلى هذا الوجه لا يكون حجب النصر الإلهي عنه دليلا على غضب الله ، بل يكون لأجل أنه قد رضي بارتهان نصر كان الله قد ادّخره له ، بإعطاء درجة من نصر لم تكن مطلوبة منه ، ولا كانت واجبة عليه ..
السحابة تستهل بنصر بني كعب :
وعن حديث استهلال السحابة بنصر بني كعب نقول :
قد يروق للبعض أن يضع قوله «صلىاللهعليهوآله» هذا في سياق التفاؤل بالمطر ، الذي تحيا به البلاد والعباد ..
غير أن هذا التفسير يبقى غير دقيق ، إن لم نقل : إنه يفقد هذه الكلمة مغزاها ، ومرماها بدرجة كبيرة ..
ولعل الأقرب إلى الاعتبار أن نقول : إنه «صلىاللهعليهوآله» يريد الإشارة إلى أمور :
أحدها : أن هذا النصر منسجم مع طبيعة الحياة ومقتضياتها ، وهو مما يتطلبه كل شيء حتى هذا المطر العارض الذي لم ينزل بعد ..
ثانيها : الإشارة إلى شدة قرب هذا النصر ، فإن بشائره المؤذنة بقرب نزوله حاضرة كحضور بشائر وأمارات نزول المطر ، كظهور السحب ، والرعد ونحوه.
ثالثها : التأكيد على حتميته ، كحتمية نزول المطر من تلك السحابة ..
رابعها : أنه نصر داهم وغامر ، كالمطر الداهم والغامر ..