.................................................................................................
______________________________________________________
ومن جهة ثالثة قد استدل المثبت بدليلين :
الأول : مفاد الجزاء هو الحكم بصدق الشاهد على تقدير الشهادة ، والصدق هو مطابقة النسبة الكلامية للنسبة الخارجية ، وهذا يقتضي الإخبار عن النسبة الخارجية ، التي هي ثبوت المشهود به في ذمة المقر.
وإذا ثبت حق الغير في ذمة المقر على تقدير الشهادة لثبت حقه وإن لم يشهد ، لعدم الدخل لصدق الشهادة في تحقق النسبة الخارجية ، لأن الصدق هو التطابق بين النسبتين ، فلا بد من تحقق النسبة الخارجية أولا حتى يتحقق الصدق ثانيا ، وكذا لو أنكر الشهادة ، والحاصل إن الإخبار عن حق على تقدير الشهادة به يكون إقرارا به وإن لم يشهد فضلا عن إنكاره للشهادة.
وفيه : أولا : إن مفاد الجزاء في قول المقر هو الحكم بصدق الشاهد على تقدير الشهادة ، وشهادته وإن كانت ممكنة في ذاتها إلا أنها قد تكون ممتنعة في اعتقاد المقرّ ، فيكون قد علّق صدقه على المحال عنده ، ويكون المراد من هذه العبارة أن الممتنع هو شهادة الشخص المذكور لامتناع الكذب عليه ، وليس المراد هو الاعتراف بصدقه على تقدير الشهادة ، وهذا غالب في محاورات الناس نحو قولهم : إن شهد فلان أني لست لأبي فهو ادق ،؟؟؟ يد الحكم بالصدق على تقدير الشهادة ، بل يريد امتناع شهادة الشاهد لامتناع الكذب عليه.
ولا أقل من احتمال ذلك فلا يكون اللفظ المذكور صريحا في الإقرار مع أصالة براءة الذمة.
وثانيا : لو سلمنا أن العبارة المذكورة هي حكم بصدق الشاهد على تقدير الشهادة فهي لا تخرج عن الإقرار المعلّق ، والإقرار المعلّق على شيء لا يفيد الثبوت مطلقا كما في جميع التعليقات ، والشهادة هنا التي هي شرط وإن لم يكن لها مدخلية في ثبوت المقر به في الذمة إلا أن لها مدخلية في الإخبار بالثبوت لأن الفرض أن الإخبار مشروط ، فهو كالإنشاء على تقدير فكما أنه على عدم التقدير لا يكون الإنشاء فعليا فكذلك الإخبار.
الدليل الثاني : الذي تمسك به المثبت أنه بعد إقرار المقرّ بصدق الشاهد على تقدير الشهادة يصدق (كلما لم يكن المال ثابتا في ذمته لم يكن صادقا على تقدير الشهادة) وينعكس بعكس النقيض إلى أنه (كلما كان صادقا على تقدير الشهادة كان المال ثابتا في ذمته) لكن المقدم حق لإقراره ، لأنه حكم بصدقه على تقدير الشهادة فالتالي مثله.
وفيه : إنه من الإقرار المعلّق على تقدير كما تقدم ، مع احتمال أن يكون قد علّق الإقرار على الشهادة لاعتقاده بعدمها لامتناع الكذب على الشاهد ، ولا يكون قد اعترف بالحق