من أن (١) المتبادر كثرة المقدار ، فيكون حقيقة فيها (٢) ، وهي (٣) مقدمة على المجاز (٤) مع عدم القرينة الصارفة ، ومن (٥) إمكان إرادة المجاز ولا يعلم قصده إلا من لفظه فيرجع إليه فيه (٦) ولا يخفى قوة الأول (٧) ، نعم لو اتصل التفسير بالاقرار لم يبعد القبول(٨).
(ولو قال : له عليّ كذا (٩) درهم ، بالحركات الثلاث) : الرفع والنصب والجر
______________________________________________________
(١) دليل لعدم قبول قوله ، لأن المتبادر من الكثرة الكثرة العددية لا الاعتبارية.
(٢) أي فيكون لفظ الكثرة حقيقة في كثرة المقدار.
(٣) أي الحقيقة.
(٤) وهو الكثرة الاعتبارية من كثرة النفع أو البقاء.
(٥) دليل لقبول قوله.
(٦) أي فيرجع إلى المقر في معرفة قصده.
(٧) وهو عدم قبول قوله بالكثرة الاعتبارية.
(٨) لأن التفسير مع الاتصال قرينة متصلة ، فلا ينعقد للكلام ظهور إلا على ضوئها.
(٩) إذا قال : له عليّ كذا ، فهو كما لو قال : له عليّ شيء ، ويقبل تفسيره بما يقبل به تفسير الشيء ، كما صرح بذلك غير واحد من الأصحاب ، وهو الأشهر كما في الرياض ، لأن لفظ (كذا) كناية عن الشيء عرفا كما صرّح بذلك في الصحاح والقاموس.
وعن الشيخ في الخلاف أنه كناية عن العدد ، وعن التنقيح للفاضل المقداد إجماع الأدباء عليه ، وفي المهذب البارع لم يوجد في كلام العرب غير ذلك ، هذا وقد استفاضت كتب اللغة بأن لفظ (كذا) كناية عن العدد ، ومع ذلك فقد اعترفوا بأنه يستعمل عرفا لغير العدد ، واللفظ يحمل على المعنى العرفي لا اللغوي.
وعلى كل فلو فسره بالدرهم مرفوعا ، بأن قال : له عليّ كذا درهم ، كان إقرارا بدرهم واحد ، لأن الدرهم على الرفع يكون بدلا عن لفظ (كذا) ، والتقدير شيء درهم ، وحمله على الواحد من باب الحمل على المتيقن ما لم يفسره بالأزيد ، وهذا مما لا خلاف فيه بينهم.
ولو فسره بالدرهم منصوبا على التمييز ، بأن قال : له عليّ كذا درهما ، كان إقرارا بدرهم واحد أيضا كما هو المشهور ، لأنه منصوب على التمييز كما هو المعروف بين أهل اللغة فيحمل على الواحد من باب الحمل على المتيقن ، ويمكن أن يكون منصوبا على القطع كما عن بعض الكوفيين ، وكأنه قطع ما ابتدأ به وأقرّ بدرهم ، والتقدير : له عليّ كذا أعني درهما ، والنتيجة واحدة بحمله على الواحد من باب الحمل على المتيقن. وعن الشيخ في