(وكذا وكذا درهما (١)
______________________________________________________
وعلى الوقف فينتفي النصب لوجوب إثبات الألف فيه وقفا ، والألف غير موجودة فلا يبقى إلا احتمال الرفع والجر ، فعلى القول الأول يلزمه درهم واحد ، لأنه ثابت على تقديري الجر والرفع ، وعلى الثاني يلزمه جزء الدرهم ، لأنه أقل المحتملات في حالتي الرفع والجر بعد جريان أصالة البراءة من الزائد. وذهب الشيخ إلى أنه مع النصب فيما لو قال : له عليّ كذا كذا درهما يلزمه أحد عشر درهما ، لأنه أقل عدد مركب مع غيره من دون عطف ينتصب تمييزه ، وهو مبني على كون لفظ (كذا) كناية عن العدد ، وفيه ما تقدم أنه كناية عن الشيء عرفا.
وعن العلامة في التذكرة اختيار قول الشيخ إذا كان المقرّ من أهل اللسان عارفا به ، وإلا فقول المشهور من الدرهم الواحد ، وقد تقدم أن ألفاظ الأقارير محمولة على المعنى العرفي.
ثم إن الشيخ والعلامة لم يتكلما إلا على تقدير النصب ، ولم يتكلما على تقدير الرفع والجر ، مع أنه على تقدير الرفع يحمل على الواحد من باب أنه بدل عن لفظ (كذا) الأول المؤكد بعد جعل لفظ (كذا) الثاني تأكيدا كما عليه المشهور.
ولكن على تقدير الجر فلازم قول الشيخ أن يحمل لفظ (الدرهم) المجرور على ثلاث مائة درهم ، لأنه أقل عدد أضيف إليه آخر وقد ميّز بمفرد مجرور ، إذ فوقه أربع مائة إلى تسع مائة ثم مائة مائة ثم مائة ألف ، ثم ألف ألف ، والمائتان وإن كانت أقل وهي في قوة تكرار المائة إلا أنها مثنى والمفروض أن التمييز بالمفرد ، وهذا وإن لم يصرح به لكنه لازم لقوله على تقدير النصب.
(١) إذا كرّر لفظ (كذا) مع العطف بأن قال : له عليّ كذا وكذا ، فيلزمه شيئان قضاء لحق العطف ، ويصح تفسيرهما بما يفسر به لفظ الشيء.
هذا كله إذا لم يتبعهما بالدرهم ، وإن أتبعهما بالدرهم مرفوعا بأن قال : له علي كذا وكذا درهم فيلزم درهم واحد ، لاحتمال أن يريد من (كذا) جزءا من الدرهم بحيث يكون المجموع من المعطوف والمعطوف عليه درهما واحدا ، ولذا أتى بلفظ الدرهم مرفوعا ليكون بدلا عن مجموع المعطوف والمعطوف عليه بلا خلاف فيه بيننا. وعن الشافعي قول بلزوم درهم وزيادة ، لأنه ذكر سببين متغايرين بالعطف ، وقد جعل الدرهم بدلا عن الثاني ويبقى الأول على إبهامه في الشيئية فلا بد من تفسيره بالزائد عن الدرهم المذكور.
وهناك قول ثالث لبعض العامة بأنه يلزمه درهمان ، لأنه ذكر جملتين كل واحدة منهما تقع على الدرهم ، وتكون كناية عنه ، فيكون الدرهم تفسيرا لكل منهما ، كما إذا قال : مائة وخمسون درهما.