إلى فتح اليمامة ، قد قضوا وطرا من أسد وغطفان وعليا وهوازن ، وأنتم فى أكفهم ، وقولهم : لا قوة إلا بالله ، إنى رأيت أقواما إن غلبتموهم بالصبر غلبوكم بالنصر ، وإن غلبتموهم على الحياة غلبوكم على الموت ، وإن غلبتموهم بالعدد غلبوكم بالمدد ، لستم والقوم سواء ، الإسلام مقبل ، والشرك مدبر ، وصاحبهم نبى ، وصاحبكم كذاب ، ومعهم السرور ، ومعكم الغرور ، فالآن والسيف فى غمده والنبل فى جفيره قبل أن يسل السيف ويرمى بالسهم سرت إليكم مع القوم عشرا.
فكذبوه واتهموه ، فرجع عنهم ، وقام ثمامة بن أثال الحنفى (١) فى بنى حنيفة ، فقال : اسمعوا منى وأطيعوا أمرى ترشدوا ، إنه لا يجتمع نبيان بأمر واحد ، وإن محمدا صلىاللهعليهوسلم ، لا نبى بعده ، ولا نبى مرسل معه ، ثم قرأ : بسم الله الرحمن الرحيم : (حم تَنْزِيلُ الْكِتابِ مِنَ اللهِ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ غافِرِ الذَّنْبِ وَقابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقابِ ذِي الطَّوْلِ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ إِلَيْهِ الْمَصِيرُ) [غافر : ١ ، ٣].
هذا كلام الله عزوجل ، أين هذا من : يا ضفدع نقى كم تنقين ، لا الشرب تمنعين ، ولا الماء تكدرين ، والله إنكم لترون أن هذا الكلام ما يخرج من إل ، وقد استحق محمد صلىاللهعليهوسلم ، أمرا أذكره به ، مر بى رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وأنا على دين قومى ، فأردت قتله ، فحال بينى وبينه عمير ، وكان موفقا ، فأهدر رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، دمى ، ثم خرجت معتمرا ، فبينا أنا أسير قد أظللت على المدينة أخذتنى رسله فى غير عهد ولا ذمة ، فعفا عن دمى وأسلمت ، فأذن لى فى الخروج إلى بيت الله ، وقلت : يا رسول الله ، إن بنى قشير قتلوا أثالا فى الجاهلية ، فأذن لى أغزهم ، فغزوتهم ، وبعثت إليه بالخمس ، فتوفى رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وقام بهذا الأمر من بعده رجل هو أفقههم فى أنفسهم ، لا تأخذه فى الله لومة لائم ، ثم بعث إليكم رجلا لا يسمى باسمه ولا اسم أبيه ، يقال له : سيف الله ، معه سيوف لله كثيرة ، فانظروا فى أمركم (٢) ، فآذاه القوم جميعا ، أو من آذاه منهم ، فقال ثمامة :
مسيلمة ارجع ولا تمحك |
|
فإنك فى الأمر لم تشرك |
كذبت على الله فى وحيه |
|
فكان هواك هوى الأنوك |
ومناك قومك أن يمنعوك |
|
وإن يأتهم خالد تترك |
فما لك من مصعد فى السماء |
|
ولا لك فى الأرض من مسلك |
__________________
(١) انظر ترجمته فى : الاستيعاب الترجمة رقم (٢٨٢) ، الإصابة الترجمة رقم (٩٦٣) ، الوافى بالوفيات (١١ / ٢١٩) ، تجريد أسماء الصحابة (١ / ٦٩).
(٢) راجع ما ذكره ابن عبد البر فى الاستيعاب فى قصة ثمامة الترجمة رقم (٢٨٢).