إلى الحديقة ، فأغلق عليهم ، فأوفى عباد بن بشر يشرف على الحديقة وهم فيها ، فقال للرماة : ارموا ، فرموا أهل الحديقة بالنبل حتى ألجئوهم أن اجتمعوا فى ناحية منها لا يطلع النبل عليهم ، ثم إن الله فتح الحديقة ، فاقتحم عليهم المسلمون ، فضاربوهم ساعة ، ثم أغلق عباد باب الحديقة لما كلّ أصحابه ، وكره أن تفر حنيفة ، وجعل يقول : اللهم إنى أبرأ إليك مما جاءت به حنيفة.
قال واقد بن عمرو : فحدثنى من رأى عباد بن بشر ألقى درعه على باب الحديقة ، ثم دخل بالسيف صلتا يجالدهم حتى قتل ، رحمهالله.
وقال أبو سعيد الخدرى : سمعت عباد بن بشر يقول حين فرغنا من بزاخة : يا أبا سعيد ، رأيت الليلة كأن السماء فرجت ، ثم أطبقت علىّ ، فهى إن شاء الله الشهادة ، قال : قلت : خيرا والله ، قال أبو سعيد : فأنظر إليه يوم اليمامة وإنه ليصيح بالأنصار ويقول : أخلصونا ، فأخلصوا أربعمائة رجل ، لا يخلطهم أحد ، يقدمهم البراء بن مالك وأبو دجانة سماك بن خرشة وعباد بن بشر ، حتى انتهوا إلى باب الحديقة.
قال أبو سعيد : فرأيت بوجه عباد ، يعنى بعد قتله ، ضربا كثيرا ، وما عرفته إلا بعلامة كانت فى جسده.
وكان أبو بكر الصديق رضياللهعنه ، لما انصرف إليه أسامة بن زيد من بعثه إلى الشام ، بعثه فى أربعمائة مددا لخالد بن الوليد ، فأدرك خالدا قبل أن يدخل اليمامة بثلاث ، فاستعمله خالد على الخيل مكان البراء بن مالك ، وأمر البراء أن يقاتل راجلا ، فاقتحم عن فرسه ، وكان راجلا لا رجلة به ، فلما انكشف الناس يوم اليمامة ، وانكشف أسامة بأصحاب الخيل ، صاح المسلمون : يا خالد ، ول البراء بن مالك ، فعزل أسامة ، ورد الخيل إلى البراء ، فقال له : اركب فى الخيل ، فقال البراء : وهل لنا من خيل؟ قد عزلتنى وفرقت الناس عنى ، فقال له خالد : ليس حين عتاب ، اركب أيها الرجل فى خيلك ، أما ترى ما لحم من الأمر ، فركب البراء فرسه ، وإن الخيل لأوزاع فى كل ناحية ، وما هى إلا الهزيمة ، فجعل يليح بسيفه وينادى : يا صحابة ، يا للأنصار ، يا للأنصار ، يا خيلاه ، يا خيلاه ، أنا البراء بن مالك ، فثابت إليه الخيل من كل ناحية ، وثابت إليه الأنصار ، فارسها وراجلها.
قال أبو سعيد الخدرى : فقال لنا : احملوا عليهم فداكم أبى وأمى ، حملة صادقة ، تريدون فيها الموت ، ثم أظهر التكبير ، وكبرنا معه ، فما كانت لنا ناهية إلا باب الحديقة ،