لينوى فأغمى عليه ، ثم أفاق ، فقال : «أصلى الناس؟» قلنا : لا ، هم ينتظرونك يا رسول الله ، قال : «ضعوا لى ماء فى المخضب» ، فقعد فاغتسل ثم ذهب لينوى فأغمى عليه ، ثم أفاق فقال : «أصلى الناس؟» (١) قلنا : لا ، هم ينتظرونك يا رسول الله عكوف فى المسجد ينتظرون النبيّ صلىاللهعليهوسلم لصلاة العشاء الآخرة فأرسل النبيّ صلىاللهعليهوسلم إلى أبى بكر بأن يصلى بالناس ، فأتاه الرسول فقال : إن رسول الله صلىاللهعليهوسلم يأمرك أن تصلى بالناس ، فقال أبو بكر وكان رجلا رقيقا : يا عمر صل بالناس ، فقال له عمر : أنت أحق بذلك ، فصلى أبو بكر تلك الأيام.
ومن حديث الأسود عن عائشة قالت : لما ثقل رسول الله صلىاللهعليهوسلم جاء بلال يؤذنه بالصلاة ، فقال : «مروا أبا بكر فليصل بالناس». قالت : فقلت : يا رسول الله ، إن أبا بكر رجل أسيف وإنه متى يقم مقامك لا يسمع الناس ، فلو أمرت عمر ، فقال : «مروا أبا بكر فليصل بالناس» ، قالت : فقلت لحفصة : قولى له : إن أبا بكر رجل أسيف وإنه متى يقم مقامك لا يسمع الناس ، فلو أمرت عمر ، فقالت له ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «إنكن لأنتن صواحب يوسف ، مروا أبا بكر فليصل بالناس» (٢) ، قالت : فأمروا أبا بكر ، فلما دخل فى الصلاة وجد رسول الله صلىاللهعليهوسلم من نفسه خفة ، فقام يهادى بين رجلين ورجلاه تخطان فى الأرض ، فلما دخل المسجد وسمع أبو بكر حسه ذهب يتأخر ، فأومأ إليه رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «أقم مكانك» ، فجاء رسول الله صلىاللهعليهوسلم حتى جلس عن يسار أبى بكر ، فكان رسول الله صلىاللهعليهوسلم يصلى بالناس جالسا ، وأبو بكر قائما ، يقتدى أبو بكر بصلاة رسول الله صلىاللهعليهوسلم ويقتدى الناس بصلاة أبى بكر.
وعن عبد الله بن زمعة بن الأسود أنه كان عند رسول الله صلىاللهعليهوسلم فى نفر من المسلمين لما استعز به ودعاه بلال إلى الصلاة ، فقال : «مروا من يصلى بالناس» ، قال : فخرجت فإذا عمر فى الناس ، وكان أبو بكر غائبا ، فقلت : قم يا عمر فصل بالناس ، فقام ، فلما كبر سمع رسول الله صلىاللهعليهوسلم صوته وكان عمر رجلا مجهرا فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «فأين أبو بكر؟
__________________
(١) انظر الحديث فى : صحيح البخاري (١ / ١٧٦) ، صحيح مسلم فى كتاب الصلاة (٩٠) ، سنن النسائى (٢ / ١٠١) ، مسند الإمام أحمد (٢ / ٥٢ ، ٦ / ٢٥١) ، سنن الدارمى (١ / ٢٨٧) ، السنن الكبرى للبيهقى (١ / ١٢٣ ، ٨ / ١٥١) ، كنز العمال للمتقى الهندى (١٨٨٣٨) ، دلائل النبوة للبيهقى (٧ / ١٩٠) ، مصنف ابن أبى شيبة (٢ / ٣٣١ ، ٣٣٢ ، ١٤ / ٥٦٠ ، ٥٦١) ، البداية والنهاية لابن كثير (٥ / ٢٣٣) ، طبقات ابن سعد (٢ / ٢ / ١٩).
(٢) انظر الحديث فى : مسند الإمام أحمد (٦ / ٢٢٨ ، ٢٢٩) ، صحيح مسلم (١ / ٩٤ ، ٣١٣).