فقال عمر : إن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قد غلب عليه الوجع ، وعندكم القرآن ، حسبنا كتاب الله. فاختلف أهل البيت ، منهم من يقول : قوموا يكتب لكم رسول الله كتابا لن تضلوا بعده ، ومنهم من يقول ما قال عمر ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «قوموا» (١) ، لما أكثروا اللغو والاختلاف عنده. قال : فكان ابن عباس يقول : إن الرزية كل الرزية ما حال بين رسول الله صلىاللهعليهوسلم وبين أن يكتب لهم ذلك الكتاب من اختلافهم ولغطهم.
وعن عبد الله بن مسعود قال : نعى إلينا نبينا وحبيبنا نفسه قبل موته بشهر ، بأبى هو ونفسى له الفداء ، فلما دنا الفراق جمعنا فى بيت أمنا عائشة فنظر إلينا وتشدد ودمعت عيناه ، وقال : «مرحبا بكم ، حياكم الله ، رحمكم الله ، آواكم الله ، حفظكم الله ، رفعكم الله ، نفعكم الله ، وقفكم الله ، رزقكم الله ، هداكم الله ، نصركم الله ، سلمكم الله ، قبلكم الله ، أوصيكم بتقوى الله ، وأوصى الله عزوجل بكم وأستخلفه عليكم ، وأذكركم الله وأشهدكم أنى لكم منه نذير وبشير أن لا تعلوا على الله فى عباده وبلاده فإنه عزوجل قال لى ولكم : (تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُها لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلا فَساداً وَالْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ) [الزمر : ٣٢] ، وقال : (أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوىً لِلْمُتَكَبِّرِينَ) [٦٠ : الزمر]» ، قلنا : متى أجلك يا رسول الله؟ قال : «دنا الأجل والمنقلب إلى الله عزوجل وإلى سدرة المنتهى وإلى جنة المأوى والفردوس الأعلى والكأس الأوفى والعيس والحظ المهنى». قلنا : فمن يغسلك يا رسول الله؟ قال : «رجال أهل بيتى الأدنى فالأدنى» ، قلنا : ففيم نكفنك يا رسول الله؟ قال : «فى ثيابى هذه إن شئتم أو فى بياض مصر أو حلة يمانية» ، قلنا : فمن يصلى عليك يا رسول الله؟ قال : فبكى وبكينا ، فقال : «مهلا غفر الله لكم وجزاكم عن نبيكم خيرا إذا أنتم غسلتمونى وكفنتمونى فضعونى على شفير قبرى ثم اخرجوا عنى ساعة ، فإن أول من يصلى على خليلى وجليسى
__________________
(١) انظر الحديث فى : صحيح البخاري (٤ / ٢٣٥ ، ٥ / ١٣٨ ، ٦ / ١٢ ، ٧ / ٨٩ ، ٨ / ١٧٤) ، صحيح مسلم فى كتاب الوصية باب (٥) رقم (٢٢) ، وكتاب الأشربة باب (٢٠) رقم (١٤٠ ، ١٤٢ ، ١٤٣) ، مسند الإمام أحمد (١ / ٣٣٦ ، ٣ / ١٥٨ ، ٢١٨ ، ٢٣٢) ، السنن الكبرى للبيهقى (٤ ، ٢٧٣) ، الدر المنثور للسيوطى (٦ / ٣٨٩) ، فتح البارى لابن حجر (١ / ٥١٧ ، ٩ / ٥٢٦ ، ١٠ / ١٢٦ ، ١١ / ٥٧٠) ، إتحاف السادة المتقين للزبيدى (٢ / ٢٠٦ ، ٧ / ١٨١) ، موطأ مالك (٩٢٧) ، مجمع الزوائد للهيثمى (٨ / ٣٠٧) ، كنز العمال للمتقى الهندى (٣٥٤٤٤) ، مصنف ابن أبى شيبة (٧ / ٤١٦) ، دلائل النبوة للبيهقى (٦ / ٩٠ ، ٧ / ١٨٤) ، طبقات ابن سعد (٢ / ٢ / ٣٨) ، دلائل النبوة لأبى نعيم (١٣٧ ، ١٤٧) ، البداية والنهاية لابن كثير (٥ / ٢٢٧) ، ٦ / ١٢١ ، ١٥٤) ، مجمع الزوائد للهيثمى (٩ / ٤).