قال : ما أحسن هذا وأى شيء أيضا؟.
قال : وإخراج العباد من عبادة العباد إلى عبادة الله تعالى.
قال : حسن ، وأى شيء أيضا؟.
قال : والناس بنو آدم وحواء ، إخوة لأب وأم.
فقال : ما أحسن هذا ثم قال له رستم : أرأيت لو أنى رضيت هذا الأمر وأجبتكم إليه ومعى قومى كيف يكون أمركم أترجعون؟.
قال : إى والله ، ثم لا نقرب بلادكم إلا فى تجارة أو حاجة.
قال : صدقتنى والله ، أما أن أهل فارس منذ ولى أردشير لم يدعوا أحدا يخرج من عمله من السفلة ، كانوا يقولون إذا خرجوا من أعمالهم : تعدوا طورهم ، وعادوا أشرافهم.
فقال له زهرة : نحن خير الناس للناس ، ولا نستطيع أن نكون كما تقولون ، نطيع الله فى السفلة ، ولا يضرنا من عصى الله فينا.
فانصرف عنه ، ودعا رجال فارس فذاكرهم هذا فحموا منه ، وأنفوا ، فقال : أبعدكم الله وأسحقكم أخزى الله أجزعنا وأجبننا.
وعن سيف (١) عن رجاله ، قالوا : أرسل سعد إلى المغيرة وبسر بن أبى رهم وعرفجة ابن هرثمة وحذيفة بن محسن وربعى بن عامر وقرفة بن أبى زاهر التيمى الوائلى ومذعور ابن عدى العجلى والمضارب بن يزيد وسعيد بن مرة ، وهما من بنى عجل ، أيضا ، وكان سعيد من دهاة العرب ، فقال لهم سعد : إنى مرسلكم إلى هؤلاء ، فما عندكم؟.
قالوا : نتبع ما تأمرنا به ، وننتهى إليه ، فإذا جاء أمر لم يكن منك فيه شيء نظرنا أمثل ما ينبغى وأنفعه للناس ، فكلمناهم به.
قال سعد : هذا فعل الحزمة ، اذهبوا فتهيئوا.
فقال ربعى بن عامر : إن الأعاجم لهم آراء وأدب ، ومتى نأتهم جميعا يرون أنا قد احتفلنا لهم فلا تزدهم على رجل ، فمالئوه جميعا على ذلك ، فقال : فسرحنى ، فسرحه ، فخرج ربعى بن عامر ليدخل على رستم عسكره ، فاحتبسه الذي على القنطرة ، وأرسل
__________________
(١) انظر : الطبرى (٣ / ٥١٨).