فلما صاروا على الأرض كبروا تكبيرة ، ثم كبروا الثانية ، فقامت دوابهم على أرجلها ، ثم كبروا الثالثة ، فجعلت الدابة تضرب بصاحبها الأرض ، وجعلنا ننظر إلى رءوس تندر ، ما نرى من يضربها ، وفتح الله على أيديهم المدينة.
وقال سلمة بن المحبق (١) : شهدت فتح الأبلة ، فوقع فى سهمى قدر نحاس ، فلما نظرت إذا هى ذهب فيها ثمانون ألف مثقال ، وكتب فى ذلك إلى عمر ، فكتب : أن تصبر يمين سلمة بالله لقد أخذها يوم أخذها وهى عنده نحاس ، فإن حلف سلمت إليه ، وإلا قسمت بين المسلمين. قال : فحلفت فسلمت لى.
قال المثنى بن موسى بن سلمة : فأصول أموالنا اليوم منها.
وقال عباية بن عبد عمرو (٢) : شهدت فتح الأبلة مع عتبة ، فبعث نافعا إلى عمر ، وجمع لنا أهل دست ميسان ، فقال عتبة : أرى أن نسير إليهم ، فسرنا فلقينا مرزبان دست ميسان ، فقاتلناه ، فانهزم أصحابه وأخذ أسيرا ، فأخذ قباؤه ومنطقته فبعث بها عتبة مع أنس بن حجية اليشكرى.
قال أبو المليح الهذلى : فسأله عمر : كيف المسلمون؟ قال : انثالت عليهم الدنيا ، فهم يهيلون الذهب والفضة ، فرغب الناس فى البصرة فأتوها.
وعن على بن زيد قال : لما فرغ عتبة من الأبلة جمع له مرزبان دست ميسان ، فسار إليه عتبة من الأبلة فقتله ، ثم سرح مجاشع بن مسعود إلى الفرات وبها مدينة ، ووفد عتبة إلى عمر ، وأمر المغيرة بن شعبة أن يصلى بالناس حتى يقدم مجاشع من الفرات ، فإذا قدم فهو الأمير ، فظفر مجاشع بأهل الفرات ، ورجع إلى البصرة ، وجمع الميلكان ، عظيم من عظماء الأعاجم ، للمسلمين ، فخرج إليه المغيرة ، فلقيه بالمرغاب (٣) ، فظفر به ، فكتب إلى عمر بالفتح ، فقال عمر لعتبة : من استعملت على البصرة؟ فقال : مجاشع بن مسعود ، قال : تستعمل رجلا من أهل الوبر على أهل المدر؟ تدرى ما حدث؟ قال : لا ، فأخبره بما كان من أمر المغيرة ، وأمره أن يرجع إلى عمله ، فمات عتبة فى الطريق ، واستعمل عمر المغيرة.
وفى رواية أن أهل ميسان هم الذين جمعوا ، فلقيهم المغيرة ، وظهر عليهم قبل قدوم مجاشع من الفرات ، وبعد أن شخص عتبة إلى عمر أثر ما قتل مرزبان دست ميسان.
__________________
(١) انظر : الطبرى (٣ / ٥٩٦).
(٢) انظر : الطبرى (٣ / ٥٩٥).
(٣) المرغاب : موضع نهر بالبصرة. انظر : معجم البلدان (٥ / ١٠٧).