وذكر الطبرى بسنده عن قتادة قال : جمع أهل ميسان للمسلمين ، فسار إليهم المغيرة ، وخلف الأثقال ، فلقيهم دون دجلة ، فقالت أردة بنت الحارث بن كلدة : لو لحقنا بالمسلمين فكنا معهم ، فاعتقدت لواء من خمارها ، واتخذ النساء من خمرهن رايات ، وخرجن يردن المسلمين ، فانتهين إليهم ، والمشركون يقاتلونهم ، فلما رأى المشركون الرايات مقبلة ، ظنوا أن مددا أتى المسلمين فانكشفوا ، واتبعهم المسلمون ، فقتلوا منهم عدة.
أردة بنت الحارث بن كلدة : هذه كانت تحت شبل بن معبد البجلى ، وكانت أختها صفية عند عتبة بن غزوان ، فلما ولى عتبة البصرة ، انحدر معه أصهاره ، أبو بكرة ونافع وشبل ، وانحدر معهم زياد ، فلما فتحوا الأبلة لم يجدوا قاسما يقسم بينهم ، فكان زياد قاسمهم ، وهو ابن أربع عشرة سنة ، له ذؤابة ، فأجروا عليه كل يوم درهمين.
قال الطبرى : وكان ممن سبى من ميسان يسار أبو الحسن البصرى ، وأرطبان جد عبد الله بن عون بن أرطبان.
والأخبار فى شأن هذين المصرين يوهم ظاهرها الاختلاف المتباين فى وقت عمارة المسلمين لهما ، فأكثرها على أن ذلك كان بعد المدائن ، وبعد جلولاء ، وقد ذكرنا ما ذكر الطبرى فى بعض ما أورده ، أن عمر وجه الناس مع عتبة إلى البصرة فى سنة أربع عشرة ، وهذا يقتضى أنه قبل القادسية ، فضلا عن المدائن ، وكذلك ذكر المدائنى من حديث حميد بن هلال ، أن خالد بن عمير العدوى حدثه قال : لما كان أيام القادسية ، كتب إلينا أهل الكوفة يستمدوننا ، فأمدهم أهل البصرة بألف وخمسمائة راكب ، كنت فيهم ، فقدمنا على سعد بالقادسية وهو مريض ، وذكر بقية الحديث.
ولعل نزول المسلمين بهذين الموضعين كان متقدما على تمصيرهما وبنيانهما بزمان ، ومع ذلك فلا يرتفع الخلاف فى ذلك بين الأخبار كل الارتفاع ، والله تعالى أعلم.
وكان عمر ، رضياللهعنه ، قد أمر سعدا بعد ما وجهه إلى العراق أن يجعل الناس أعشارا ، فلما كان بعد ذلك رجح الأعشار بعضهم بعضا رجحانا كثيرا ، فكتب سعد إلى عمر فى تعديلهم ، فكتب إليه : أن عدلهم ، فأرسل سعد إلى قوم من نساب العرب وعقلائهم وذوى الرأى منهم ، كسعيد بن نمران ، ومشعلة بن نعيم ، فعدلوهم أسابعا ، فلم يزالوا كذلك عامة إمارة معاوية حتى ولى زياد فربعهم.