ولم أر من يوم أعم مصيبة |
|
ولا ليلة كانت أمر وأفظعا |
تعزى بصبر واذكرى الله واعلمى |
|
بأن سوف يجزى كل ساع بما سعى |
ولا تزرئى محض الحياء فتفجعى |
|
بدينك والدنيا فتزريهما معا |
فإن يك قد مات النبيّ فبعد ما |
|
نعى نفسه بدآ وعودا فأسمعا |
إذا ذكرت نفسى فراق محمد |
|
تهيج حزنى والفؤاد تقطعا |
فيا لك نفسا لا يزال يزيدها |
|
على الدهر طول الدهر إلا تصدعا |
جزى منك رب الناس أفضل ما جزى |
|
نبيا هدانا ثم ولى مودعا |
فو الله لا أنساك ما دمت ذاكرا |
|
لشىء وما قلبت كفا وإصبعا |
وقد أكثر الشعراء فى تأبينه صلوات الله عليه قديما وحديثا ، وقضوا من التفجيع عليه حقا ، لا ينبغى أن يكون عهده نكيشا ، ولم يمنعهم تقادم الأيام وتطاول الأعوام من تجديد البكاء عليه ، ومزيد الحنين إليه ، وبحق ما يكون ذلك ، فهو الرزء الذي حقه أن ينسى جميع الأرزاء ، والحادث الجلل الذي يقبح معه حسن العزاء ، وطواعية الأسف عليه دائما من أعدل الشهادات بالإخلاص لمن قام بها واستقام بالنية والقول على سواء مذهبها ، جعلنا الله ممن أحبه حقا ، وكتبنا فيمن غدا لشفاعته المشفعة مستحقا.
فمن ذلك ما وقفت عليه لأبى إسحاق إسماعيل بن القاسم الغزى الكوفى ، المعروف بأبى العتاهية من كلمة :
على رسول الله منى السلام |
|
ما كان إلا رحمة للأنام |
أحيى به الله قلوبا كما |
|
أحيى موات الأرض صوب الغمام |
أكرم به للخلق من مبلغ |
|
هاد وللناس به من إمام |
وأصبح الحق به قائما |
|
وأصبح الباطل دحض المقام |
وقال إسماعيل بن القاسم أيضا من كلمة أخرى :
ليبك رسول الله من كان باكيا |
|
ولا تنس قبرا بالمدينة ساويا |
جزى الله عنا كل خير محمدا |
|
فقد كان مهديا دليلا هاديا |
لمن تبتغى الذكرى لما هو أهله |
|
إذا كنت للبر المطهر ناسيا |
أتنسى رسول الله أفضل من مشى |
|
وآثاره بالمسجدين كما هيا |
وكان أبر الناس بالناس كلهم |
|
وأكرمهم بيتا وشعبا وواديا |
تكدر من بعد النبيّ محمد |
|
عليه سلام الله ما كان صافيا |
فكم من منار كان أوضحه لنا |
|
ومن علم أمسى وأصبح عافيا |