والحكم بالتربص بميراث الغائب المدّة المذكورة هو المشهور بين الأصحاب ، وهو مناسب للأصل (١) ، لكن ليس به (٢) رواية صريحة. وما ادعي له من النصوص (٣) ليس دالا عليه (٤).
وفي المسألة أقوال أخر مستندة إلى روايات بعضها صحيح.
منها (٥) : أن يطلب أربع سنين في الأرض فإن لم يوجد قسّم ماله بين
______________________________________________________
(١) وهو استصحاب حياته.
(٢) بهذا الحكم من التربص.
(٣) وهي صحيحة هشام بن سالم (سأل خطاب الأعور أبا إبراهيم عليهالسلام وأنا جالس فقال : إنه كان عند أبي أجير يعمل عنده بالأجرة ، ففقدناه ، وبقي من أجره شيء ـ وفي التهذيب ولا نعرف له وارثا ـ قال عليهالسلام : فاطلبوه ، قال : قد طلبناه فلم نجد ، فقال : مساكين وحرّك يديه فأعاد عليه فقال : أطلب واجهد ، فإن قدرت عليه وإلا فهو كسبيل مالك حتى يجيء له طالب ، فإن حدث بك حدث فأوصي به إن جاء له طالب يدفع إليه) (١) ، وهو ظاهر في استمرار حياة الغائب حتى تحصيل العلم بموته ، وهو لا يتم إلا بمضي مدة لا يعلم ببقائه بعدها. ورواية معاوية بن وهب عن أبي عبد الله عليهالسلام (في رجل كان له على رجل حق ففقده ، ولا يدري أين يطلبه ، ولا يدري أحيّ هو أم ميت؟ ولا يعرف له وارثا ولا نسبا ولا ولدا قال : أطلبه ، قال : فإن ذلك قد طال فأتصدق به؟ قال عليهالسلام : أطلبه) (٢). ووجه الدلالة كالسابق. ومثله غيره من النصوص.
(٤) للفرق بين مورد الأخبار وهو المفقود الذي لا يعلم وارثه وبين المفقود الذي يعرف وارثه كما في مقامنا.
(٥) من الأقوال وهو قول الصدوق والمرتضى وأبو الصلاح وقواه في الدروس ومال إليه في المختلف ، ويدل عليه موثق سماعة عن أبي عبد الله عليهالسلام (المفقود يحبس ماله على الورثة قدر ما يطلب في الأرض أربع سنين ، فإن لم يقدر عليه قسّم ماله بين الورثة) (٣).
وموثق إسحاق بن عمار (قال لي أبو الحسن عليهالسلام : المفقود يتربّص بماله أربع سنين ثم يقسّم) (٤).
ويؤيده ما تقدم من الحكم باعتداد زوجته بعد أربع سنين عدة الوفاة بعد طلبه في الأرض ، ولذا حملت هذه الأخبار على ما لو بحث عنه في الأرض في هذه المدة.
__________________
(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ٦ ـ من أبواب ميراث الخنثى حديث ١ و ٢.
(٣ و ٤) الوسائل الباب ـ ٦ ـ من أبواب ميراث الخنثى حديث ٩ و ٥.