إن كان التخلص الممكن من مطلق أذاه (١) فكإلقائه في الماء فيموت مع قدرته على الخروج ، وإن لم يمكن إلا بعد عضة لا يقتل مثلها فكإلقائه في النار كذلك (٢) فيضمن جناية لا يمكنه دفعها (٣).
(أو ألقاه إلى أسد (٤) بحيث لا يمكنه الفرار منه) فقتله ، سواء كان في مضيق أم برية(أو أنهشه حية قاتلة فمات (٥) أو طرحها عليه فنهشته فهلك) أو جمع بينه وبينها في مضيق ، لأنه مما يقتل غالبا.
(أو دفعه في بئر حفرها الغير) متعديا بحفرها أم غير متعد في حالة كون الدافع(عالما بالبئر) (٦) ، لأنه مباشر للقتل فيقدم على السبب لو كان (٧) (ولو جهل) الدافع بالبئر(فلا قصاص عليه) (٨) لعدم القصد إلى القتل حينئذ لكن عليه الدية ، لأنه شبيه عمد.
______________________________________________________
(١) القتل وغيره.
(٢) أي مع قدرته على الخروج.
(٣) أي فيضمن المغري جناية لا يمكن للمقتول دفعها.
(٤) البحث فيه كالبحث في إغراء الكلب العقور به ، بلا خلاف فيه بيننا ، نعم يزيدون هنا قيدا وهو : سواء كان الإلقاء إليه في مضيق أو في برية خلافا لبعض العامة حيث فرق بينهما فحكم بالقود في الأول دون الثاني.
وردّ بأن المفروض لا يمكنه التخلص ، نعم لو أمكنه الخلاص سواء كان الإلقاء في مضيق أو في برية ولم يتخلص فلا ضمان لأن المقتول فرّط في حفظ نفسه.
(٥) بأن يقبض على حية وينهشها بدنه فيموت ، فعليه القود لأنه مباشر للإتلاف لأن الحية كالآلة ، وكذا لو طرحه إليها أو ألجأه إليها فيأتي الكلام السابق من إمكان التخلص فلا ضمان ، ومن عدم إمكان التخلص فالضمان.
وذهب بعض العامة إلى أنه لو جمع بينه وبينها في مضيق فنهشته فمات فلا قود على الفاعل ، لأن الحية تهرب من الإنسان في المضيق بخلاف السبع ، وفيه : إن المفروض عدم التمكن من الخلاص فلا بد من الضمان ، فلو هربت كما قاله هذا البعض لكان قادرا على الخلاص فلو لم يتخلص ثم تعرض لها فلا ضمان حينئذ لتفريطه.
(٦) فلو حفر الأول بئرا فوقع الثاني بها بدفع من الثالث فالقاتل هو الدافع دون الحافر بلا خلاف ولا إشكال ، لأن المباشر للقتل هو الدافع ، والحافر وإن كان سببا إلا أنه سبب بعيد والمباشر أقوى منه ، إذ استند الإلقاء إلى فعل الدافع دون أن يستند إلى المباشر.
(٧) أي لو كان قتل ، بمعنى لو قتل المدفوع بالإلقاء.
(٨) لعدم قصده إلى القتل ، ولا قصاص على الحافر أيضا لعدم قصده القتل بالحفر.