لتساوي اليدين في الحقيقة ، وإن تغايرا من وجه يغتفر عند تعذر المماثلة من كل وجه ، ولصحيحة حبيب (١) السجستاني عن أبي جعفر عليهالسلام في رجل قطع يدين لرجلين اليمينين فقال عليهالسلام : «يا حبيب يقطع يمينه للذي قطع أولا ويقطع يساره للذي قطع يمينه أخيرا لأنه إنما قطع يد الرجل الأخير ويمينه قصاص للرجل الأول».
ولو قطع يد ثالث (٢) قيل : قطعت رجله لقوله عليهالسلام في هذه الرواية : (والرجل باليد إذا لم يكن للقاطع يدان. فقلت له : أما توجب له الدية وتترك رجله؟ فقال : إنما توجب عليه الدية إذا قطع يد رجل وليس للقاطع يدان ولا رجلان. فثم توجب عليه الدية ، لأنه ليس له جارحة يقاصّ منها ولأن المساواة الحقيقية لو اعتبرت لم يجز التخطي من اليمنى إلى اليسرى.
وقيل : ينتقل هنا إلى الدية ، لفقد المماثل الذي يدل قوله تعالى : (أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ) (٣) عليه ، والخبر يدفع فقد التماثل (٤) ويدل على مماثلة الرجل لليد شرعا وإن انتفت لغة وعرفا. نعم يبقى الكلام في صحته (٥) فإن الأصحاب وصفوه بالصحة مع أنهم لم ينصوا على توثيق حبيب. ولعلهم أرادوا بصحته فيما عداه فإنهم كثيرا ما يطلقون ذلك (٦). وحينئذ (٧) فوجوب الدية أجود. وأولى منه لو
______________________________________________________
(١) لم ينص على توثيق حبيب في كتب الرجال كما في المسالك ، ومع ذلك وصفت روايته بالصحة لوقوع الحسن بن محبوب المجمع على تصحيح ما يصح عنه في سندها ، ولورودها في الكتب الثلاثة وهذا ما يفيد الاطمئنان بصدورها.
(٢) فذهب المشهور إلى أنه تقطع رجله اليمنى ، أما رجله فلخبر حبيب المتقدم : (والرجل باليد إذا لم يكن للقاطع يد) ، وأما كونها يمينا فللمماثلة. وذهب ابن إدريس إلى سقوط القصاص وثبوت الدية لفوات المحل بعد قطع اليدين ، وأما الرجل باليد فلا تماثل بينهما بخلاف اليدين بعد تضعيف الخبر لكون حبيب لم ينص على توثيقه.
(٣) المائدة الآية : ٤٥.
(٤) رد من الشارح على ابن إدريس.
(٥) أي صحة الخبر.
(٦) أو لوقوع الحسن بن محبوب في مسنده وهو الأولى.
(٧) أي وحين عدم صحة خبر حبيب.