شاء منهما وإلزامه بموجب جنايته. لأن كل واحد من الإقرارين سبب مستقل في إيجاب مقتضاه على المقر به ، ولما لم يمكن الجمع تخير الولي وإن جهل الحال كغيره (١) وليس له على الآخر سبيل.
(ولو أقر بقتله عمدا (٢) فأقر آخر ببراءة المقر) مما أقر به من قتله(وأنه هو)
______________________________________________________
ـ إيجاب مقتضاه على المقرّ به ، ولا يمكن الجمع بين الأمرين فلا بد أن يتخير إن جهل الحال وليس له على الآخر سبيل ، ولخبر الحسن بن صالح المتقدم ، وذهب ابن زهرة إلى أن الولي بالخيار بين قتل المقرب بالعمد وبين أخذ الدية منهما نصفين ، وهو ضعيف لأنه اجتهاد في قبال النص ، وذهب بعض العامة إلى قتلهما معا ، أو أخذ الدية منهما وهو واضح الفساد إذ لا دليل عليه.
(١) من موارد التخيير.
(٢) فأقر آخر أنه هو الذي قتله ، ورجع الأول عن إقراره ، درئ عنهما القصاص والدية ، وودي المقتول من بيت المال ، كما هو المشهور ، بل عن كشف الرموز لا أعرف مخالفا ، استنادا إلى رواية علي بن إبراهيم عن أبيه قال : أخبرني بعض أصحابنا رفعه إلى أبي عبد الله عليهالسلام قال : (أتي أمير المؤمنين عليهالسلام برجل وجد في خربة ، وبيده سكين ملطخ بالدم وإذا رجل مذبوح يتشحّط في دمه ، فقال له أمير المؤمنين عليهالسلام : ما تقول؟
قال : أنا قتلته ، قال : فاذهبوا به فأقيدوه به ، فلما ذهبوا به أقبل رجل مسرعا فقال : لا تعجلوا ، وردوه إلى أمير المؤمنين عليهالسلام فردوه.
فقال : والله يا أمير المؤمنين ما هذا قتل صاحبه ، أنا قتلته ، فقال أمير المؤمنين عليهالسلام للأول : ما حملك على إقرارك على نفسك؟ فقال : يا أمير المؤمنين ، ما كنت أستطيع أن أقول وقد شهد عليّ أمثال هؤلاء الرجال وأخذوني وبيدي سكين متلطخ بالدم والرجل متشحط في دمه ، وأنا قائم عليه وخفت الضرب فأقررت ، وأنا رجل كنت ذبحت بجنب هذه الخربة شاة فأخذني البول فدخلت الخربة ، فوجدت الرجل يتشحط في دمه فقمت متعجبا ، فدخل عليّ هؤلاء فأخذوني.
فقال عليهالسلام : خذوا هذين فاذهبوا بهما إلى الحسن ، وقولوا له : ما الحكم فيهما؟
فذهبوا إلى الحسن عليهالسلام وقصوا عليه قصتهما ، فقال الحسن عليهالسلام : قولوا لأمير المؤمنين عليهالسلام : إن كان هذا ذبح هذا فقد أحيى هذا ، وقد قال الله تعالى : (وَمَنْ أَحْيٰاهٰا فَكَأَنَّمٰا أَحْيَا النّٰاسَ جَمِيعاً) ، يخلّى عنهما وتخرج دية المذبوح من بيت المال) (١) ـ
__________________
(١) الوسائل الباب ـ ٤ ـ من أبواب دعوى القتل حديث ١.