ولا بد هنا من الإشارة إلى أن معظم الخطأ الذي يقع فى نسخ هذا الكتاب ، سببه الخط المغربىّ ، الذي تشتبه قراءته كثيرا على المشارقة ، ومن أسباب شيوع الخطأ فى الخط المغربى نقط حرف الفاء بواحدة من تحت ، والقاف بواحدة من فوق ؛ وأن المغاربة لا يهمزون ما يهمزه المشارقة ، وكثيرا ما يكتبون الضاد ظاء ، والظاء ضادا ، مما يوقع القارئ فى كثير من اللبس والخطأ ، إلا من اعتاد قراءة خطوطهم.
ومن مزايا هذا الجزء أن الكلمات التى تشرح كتبت بخط أكبر من كلمات المتن ، وبمداد أحمر ، وليس كذلك أسماء الشعراء فيه.
أما الجزءان المتممان لهذا الجزء ، فمكتوبان بخط مغربىّ ، قريب من خط النسخة س وهما فى طولها وعرضها ونظامها ، ولذلك اشتبه أمرهما على لمفهرسين فى دار الكتب قديما ، فضموهما إلى النسخة س ، وجعلوهما متممين لها ، وكتبوا عليهما الرقم ٤٠٤ جغرافيا ، واعتقدت أنا ذلك حينا ، ولكن بطول التأمل فى النسختين ، ظهرت لى فروق بينهما ، وأن كلا منهما أصل غير الآخر.
١ ـ فمها لاح لى من الفروق بينهما الخط ، والخط أمر فنّى ذوقىّ ، تدركه العين ، ولا يحيط بمداه الوصف. ومع تشابه النسختين خطا إلى حد كبير ، فإنى أقرر أن اليد التى كتبت إحداهما غير اليد التى كتبت الأخرى ؛ ولست فى ذلك خابطا فى الظلام ، لأنى أكتب الخط الجيد ، وأستطيع أن أميز أقلام الكتاب ، وذوق العصور.
٢ ـ وفرق آخر أدق من هذا وأوضح ، وهو أن الكاتب لم يجر فى هذين الجزءين على عرف المغاربة ، الذي جرت عليه س فى نقط الفاء والقاف ، وإنما نقطهما كما يفعل المشارقة. وهذا فرق جوهرى لا مرية فيه.
٣ ـ وفرق ثالث من حيث الورق ، فورق النسخة س كما قلت كتانى ثخين جافّ غير مصقول ، ولونه إلى الصفرة. أما هذان الجزءان من نسخة ق فورقهما أبيض وإن كان غير ناصع البياض ، تعلوه حمرة أحيانا ، وفيه قوة وصقل أكثر من ورق س.
٤ ـ وفرق رابع من حيث التملّك ، فالنسخة س كما قلت فى وصفها كانت من كتب الشيخ الجليل خليل بن أيبك الصفدىّ ، وكان بعض مكتبته قد استقر بجامع المؤيّد بالقاهرة. أما الجزءان الثانى والثالث من نسخة ق فقد كانا فى يد الأمير عبد الرحمن