له ، قال : فقال الحسن : إن هامان كان لا يعرف له نسب ، وكان إبليس يتراءى لفرعون في صورة الإنس يغويه ، قال : فقال له : أنا أذرك (١) شابا ، قال : فخضبه بالسواد ، وهو أول من خضب بالسواد ، فدخل على آسية فقال : يا آسية ألا ترين صرت شابا؟ فقالت : من فعل هذا بك؟ قال : هامان ، قالت : ذاك إن لم ينصل (٢).
قال : وأنا إسحاق ، قال : وأخبرني جويبر عن الضّحّاك عن ابن عبّاس قال :
إن فرعون لما قال للملإ من قومه :
(إِنَّ هذا لَساحِرٌ عَلِيمٌ) قالوا له : ابعث إلى السحرة ، فقال فرعون لموسى : يا موسى ، اجعل (بَيْنَنا وَبَيْنَكَ مَوْعِداً لا نُخْلِفُهُ)(٣) ، فتجتمع أنت وهارون ، وتجتمع السحرة ، فقال موسى : (مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ)(٤) ، قال : ووافق ذلك اليوم السبت في أول يوم من السنة ، وهو يوم النيروز ، (وَأَنْ يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحًى) ـ يعني : وأن يحشرهم ويجمعهم ضحىّ (٥) ، قال : فاجتمعت السحرة (لِمِيقاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ)(٦) ، وقيل : (هَلْ أَنْتُمْ مُجْتَمِعُونَ لَعَلَّنا نَتَّبِعُ السَّحَرَةَ إِنْ كانُوا هُمُ الْغالِبِينَ)(٧) ، قال : فاجتمع خمسة عشر ألف ساحر ، قال : ليس منهم ساحر إلّا وهو يحسن من السحر ما لا يحسن صاحبه ، وكان كبراؤهم ألف ساحر ، وهم الذين عملوا بالعصي والحبال ، فلمّا دخلوا على فرعون قالوا : أيها الملك ، ما هذا الذي يعمل به هذا الساحر فنعمل مثله؟ قال : يعمل بالعصا ، قالوا : نحن نعمل ، فقال : اعرضوا علي سحركم ، فقام الذين يعملون بالعصي والحبال فألقوها بين يدي فرعون ، وسحروا أعين الناس ، فإذا حبالهم وعصيهم صارت حيات وأفاعي ، ففرح بذلك فرعون واستبشر ، وطمع أن يظفر بموسى ، وظنّ أنّ عصيّهم وحبالهم صارت حيات ، فقال لهم : اجهدوا على أن تغلبوه ، فإنه ساحر لم ير مثله ، فقالوا : أيها الملك ، (إِنَّ لَنا لَأَجْراً إِنْ كُنَّا نَحْنُ الْغالِبِينَ)(٨) ـ يعني ـ
__________________
(١) الأصل ، ود ، و «ز» ، وم : أدرك ، والمثبت عن المختصر.
(٢) الأصل ود ، و «ز» ، وم : «يتصل» والمثبت عن المختصر ، ونصل الشعر ينصل : زال عنه الخضاب واللون (راجع اللسان).
(٣) سورة طه ، الآية : ٥٨.
(٤) سورة طه ، الآية : ٥٩.
(٥) أي من أول النهار في وقت اشتداد ضياء الشمس فيكون الحق أظهر وأجلى ، ولم يطلب أن يكون ذلك ليلا في ظلام كيما يروج عليهم محالا وباطلا ، بل طلب أن يكون نهارا جهرة لأنه على بصيرة من ربه.
(٦) سورة الشعراء ، الآية : ٣٨.
(٧) سورة الشعراء ، الآيتان ٣٩ و٤٠.
(٨) سورة الأعراف ، الآية : ١١٣.