بأمر ، فسمعت أخت واثلة كلامه ، فخرجت إليه فسلمت عليه بتحية الإسلام ، قال واثلة : أنّى لك هذا يا أخيّة؟ قالت : سمعت كلامك وكلام عمك ، وكان واثلة ذكر الإسلام ووصفه لعمّه ، فأعجب أخته الإسلام ، فأسلمت ، فقال واثلة : لقد أراد الله بك يا أخيّة خيرا ، جهّزي أخاك جهاز غاز ، فإن رسول الله صلىاللهعليهوسلم على جناح سفر ، فأعطته مدّا من دقيق ، فعجن الدقيق في الدلو ، وأعطته تمرا ، فأخذه فأقبل إلى المدينة ، فوجد رسول الله صلىاللهعليهوسلم قد تحمل إلى تبوك ، وبقي غمرات (١) من الناس وهم على الشخوص (٢) ـ وإنّما رحل (٣) رسول الله صلىاللهعليهوسلم قبل ذلك بيومين ـ فجعل ينادي بسوق بني قينقاع : من يحملني وله سهمي ، قال : وكنت رجلا لا راحلة (٤) لي قال : فدعاني كعب بن عجرة ، فقال : أنا أحملك عقبة بالليل (٥) ويدك أسوة يدي ولي (٦) سهمك قال واثلة : نعم ، فقال واثلة : نعم ، فقال واثلة بعد ذلك : جزاه الله خيرا ، لقد كان يحملني عقبتي ويزيدني ، وآكل معه ويرفع لي ، حتى إذا بعث رسول الله صلىاللهعليهوسلم خالد بن الوليد إلى أكيدر الكندي بدومة الجندل (٧) ، خرج كعب بن عجرة في جيش خالد ، وخرجت معه فأصبنا فيئا كثيرا ، فقسمه خالد بيننا ، فأصابني ست قلائص (٨) ، فأقبلت أسوقها حتى إذا جئت بها خيمة كعب بن عجرة فقلت : اخرج رحمك الله ، فانظر إلى قلائصك ، فاقبضها ، فخرج إليّ وهو يتبسم ويقول : بارك الله لك فيها ، ما حملتك وأنا أريد أن آخذ منك شيئا.
أخبرنا أبو الحسن (٩) علي بن عبيد الله بن نصر بن الزاغوني ، أنا محمّد بن أحمد بن محمّد بن المسلمة ، أنا أبو طاهر المخلّص ، نا يحيى بن محمّد بن صاعد ، نا أحمد بن محمّد ابن سعيد بن أبان الهمداني التبعي ، نا القاسم بن الحكم العرني ، نا سعيد بن ميمون ، نا ابن ثوبان ، عن أبيه ، عن مكحول ، عن واثلة بن الأسقع قال :
أتيت رسول الله صلىاللهعليهوسلم وهو جالس في نفر من أصحابه يحدّثهم ، فجلست وسط الحلقة ،
__________________
(١) كذا بالأصل وم ، وفي «ز» : غبرات ، وفي المختصر : غرات ، وفي المغازي : عيرات.
(٢) شخوص المسافر يعني خروجه عن منزله.
(٣) بالأصل : دخل ، والمثبت عن «ز» ، وم ، والمغازي.
(٤) كذا بالأصل ، وفي م و «ز» : رحلة ، وفي المغازي : رجلة.
(٥) زيد في المغازي الواقدي : وعقبة بالنهار.
(٦) كلمة «لي» كتبت فوق الكلام بين السطرين بالأصل.
(٧) دومة الجندل : حصن وقرى بين الشام والمدينة قرب جبلي طيء (معجم البلدان).
(٨) القلائص واحدتها قلوص وهي الشابة من الإبل.
(٩) تحرفت بالأصل إلى : الحسين ، والمثبت عن «ز» ، وم ، ومشيخة ابن عساكر ١٤٤ / أ.