أخبرنا أحمد بن الحسن بن خيرون ، قالا : أخبرنا أبو القاسم بن بشران ، أخبرنا محمّد بن أحمد بن الحسن ، أنا محمّد بن عثمان بن أبي شيبة ، نا المنجاب ، أنا إبراهيم بن يوسف ، نا زياد ، عن محمّد بن إسحاق (١) ، حدّثني وهب بن كيسان مولى آل الزبير قال :
سمعت عبد الله بن الزبير وهو يقول لعبيد بن عمير بن قتادة الليثي : حدّثنا يا عبيد ، كيف كان بدو (٢) ما ابتدئ به رسول الله صلىاللهعليهوسلم من النبوة حين جاءه جبريل؟ قال عبيد ـ وأنا حاضر لحديث عبد الله بن الزبير ومن عنده من الناس ـ قال : كان رسول الله صلىاللهعليهوسلم يجاور (٣) في حراء من كل سنة [شهرا](٤) ، وكان ذلك مما تحنّث به قريش في الجاهلية ، والتحنث التبرز ، قال : فكان رسول الله صلىاللهعليهوسلم يجاور ذلك الشهر من كل سنة ، يطعم من جاءه من المساكين ، فإذا قضى رسول الله صلىاللهعليهوسلم جواره من شهره ذلك ، كان أول ما يبدأ به إذا انصرف من جواره ، الكعبة ، قبل أن يدخل بيته ، فيطوف بها سبعا ، أو ما شاء الله من ذلك ، ثم يرجع إلى بيته ، حتى إذا كان الشهر الذي أراد الله به فيه ما أراد من كرامته ، من السنة التي بعثه فيها ، وذلك الشهر شهر رمضان ، خرج رسول الله صلىاللهعليهوسلم إلى حراء كما كان يخرج لجواره ، ومعه أهله ، حتى إذا كانت الليلة التي أكرمه الله فيها برسالته ، ورحم العباد بها (٥) ، جاءه جبريل بأمر الله ، قال (٦) رسول الله صلىاللهعليهوسلم فجاءني وأنا نائم بنمط (٧) من ديباج فيه كتاب فقال : اقرأ ، فقلت : ما أقرأ ، [قال : فغتني به فظننت أنه الموت ، ثم أرسلني ، قال اقرأ ، قال قلت : ما أقرأ ، قال : فغتني به حتى ظننت أنه الموت ، ثم أرسلني فقال : اقرأ ، قال : قلت : ما ذا أقرأ؟ قال : فغتني به حتى ظننت أنه الموت ، ثم أرسلني ، فقال : اقرأ ، فقلت : ما ذا أقرأ؟](٨) ما أقول ذلك إلّا افتداء منه أن يعود بمثل ما صنع فقال : (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ ، خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ عَلَقٍ ، اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ ، عَلَّمَ الْإِنْسانَ ما لَمْ يَعْلَمْ)(٩) ، فقرأتها كلها ثم انتهى ، فانصرف
__________________
(١) الخبر في سيرة ابن هشام ١ / ٢٥١ وما بعدها. والبداية والنهاية ٣ / ١٨.
(٢) غير مقروءة بالأصل ، والمثبت عن «ز» ، وم ، وفي السيرة : بدء.
(٣) يجاور : يعتكف.
(٤) زيادة عن ابن هشام والبداية والنهاية.
(٥) الأصل وم و «ز» : به ، والمثبت عن ابن هشام.
(٦) الأصل : «فان» والمثبت عن «ز» ، وم ، وابن هشام.
(٧) النمط : وعاء كالسفط ، وضرب من البسط.
(٨) ما بين معكوفتين سقط من الأصل وم و «ز» ، واستدرك للإيضاح عن سيرة ابن هشام.
(٩) سورة العلق ، الآيات ١ ـ ٥.