إنّك لنبي هذه الأمة ، ولقد جاءك الناموس الأكبر الذي جاء موسى ، ولتكذّبنّه ولتؤذينّه ولتخرجنّه ولتقاتلنّه ، ولئن أنا أدركت ذلك لأنصرن الله نصرا يعلمه ، ثم أدنى رأسه منه فقبّل يافوخه ، ثم انصرف رسول الله صلىاللهعليهوسلم وقد زاده ذلك من قول ورقة بن نوفل ثباتا وخفّف عنه بعض ما كان فيه من الغمّ.
قال ابن إسحاق : وقال ورقة بن نوفل بن أسد بن عبد العزّى بن قصي فيما كانت ذكرت له خديجة من أمر رسول الله صلىاللهعليهوسلم فيما يزعمون :
إن يك حقّا يا خديجة فاعلمي |
|
حديثك إيانا فأحمد مرسل |
وجبريل يأتيه وميكال معهما |
|
من الله وحي يشرح الصدر منزل |
يفوز به من فاز فيها بتوبة |
|
ويشقى به العاتي الغوي المضلل |
فريقان منهم فرقة في جنانه |
|
وأخرى بأحواز الجحيم تغلغل |
إذا ما دعوا بالويل فيها تتابعت |
|
مقامع في هاماتهم ثم مرعل |
فسبحان من تجري الرياح بأمره |
|
ومن هو في الأيام (١) ما شاء يفعل |
ومن عرشه فوق السموات كلها |
|
واقضاؤه في خلقه لا تبدل |
وقال ورقة أيضا :
يا للرجال لصرف الدهر والقدر |
|
وما لشيء قضاه الله من غير |
حتى خديجة تدعوني لأخبرها |
|
وما لنا بحق (٢) الغيب من خبر |
فكان ما سألت عنه لأخبرها |
|
أمرا أراه سيأتي الناس عن أخر |
فخبّرتني عن أمر سمعت به |
|
فيما مضى من قديم الناس والعصر |
بأن أحمد يأتيه فيخبره |
|
جبريل أنّك مبعوث إلى البشر |
فقلت إنّ الذي ترجين ينجزه |
|
لك الإله فرجي الخير وانتظري |
وأرسليه إلينا كي نسائله |
|
عن أمره ما يرى في النوم والسهر |
فقال حين أتانا منطقا عجبا |
|
يقفّ منه أعالي الجلد والشعر |
إني رأيت أمين الله واجهني |
|
في صورة أكملت في أهيب الصور |
ثم استمر فكاد الخوف يذعرني |
|
مما يسلّم من حولي من الشجر |
__________________
(١) الأصل : أيام ، والمثبت عن «ز» ، وم.
(٢) كذا بالأصل ، وفي «ز» ، وم : بخفي.